قال: ((ثكلتك أمك ابن أم لبيد، أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل)): عندهم كتب، ((لا ينتفعون منها بشيء)): فالإنسان لا يستطيع أن ينتفع إلا إذا قدر الله له ذلك، وأتى الأمور من أبوابها، أما إذا .. ، ولو أكثر القراءة، من الناس من يقرأ السنين بل العقود ولا يستفيد شيئاً؛ لأن الله -جل وعلا- لم يكتب له إفادة، سواءً كان بسببه أو كان خارجاً عن إرادته، لكنه مع النية الصالحة إذا كان خارجاً عن إرادته يكتب له أجر سلوك الطريق، لكن من الناس من يقرأ السنين الطويلة وهو مؤهل، ومع ذلك لا يدرك شيئاً؛ لأنه يتخبط، مرة يقرأ كذا، ومرة يقرأ كذا، ويقرأ كلام، ويقرأ نقيضه، ويقرأ ضده، وينشغل بغير شاغل، وتشغله الملهيات وتشغله المصادر المشبوهة، وينشغل بذلك عن الكتاب والسنة، ثم بعد ذلك لا يكتب له شيء من العلم، فعلى الإنسان أن يلزم الجادة المعروفة عند أهل العلم فيأخذ العلم من مصادره وعن أهله على الجواد والطرق المعروفة المرتبة عند أهل العلم، بالرفق واللين والنصح له لنفسه ولغيره من أقرانه، وبذل الخير والفضل لأحبابه ومعارفه، ومن يستطيع بذله لهم، نعم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه قال: قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: "أتدرون ما ذهاب العلم من الأرض؟ قال: قلنا: لا، قال: أن يذهب العلماء".
الحديث حديث ابن لبيد صححه الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- وقال: رجاله رجال الشيخين، ثقات، وسماع سالم بن مجاهد عن ابن لبيد، يعني عدم سماعه من أبي الدرداء هاذ مفروغ منه، لكن سماعه من ابن لبيد هذا مختلف فيه، مختلف فيه، وعلى كل حال الحديث معناه صحيح، ما فيه إشكال.