قال المصنف رحمه الله تعالى: [(وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)].
(وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) هذه قربة من العبد للرب، لأن معنى تقرب أي: طلب القربة، فهناك قربة من العبد للرب، وهناك قربة من الرب للعبد، والفرق بينهما كالتالي: أن القرب من العبد للرب يكون بالإيمان ثم بالإحسان، فتؤمن بالله، ثم تحسن العمل.
وأما القرب من الرب للعبد فيكون في الدنيا بعرفانه، فيعرفك الله جل وعلا بذاته، وهذا والله من أعظم القرب، ويكون في الآخرة برضوانه، يقول الله: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة:72]، فيكون في الآخرة برضوانه، ويكون فيما بينهما بلطفه وامتنانه، جمع الله لي ولكم الثلاثة كلها.
يكون في الدنيا بعرفانه، فمن عرف الله قرب منه، ويكون في الآخرة برضوانه، ويكون فيما بينهما بلطفه وامتنانه، هذا معنى: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل)، فهناك فرائض وهناك نوافل، فالفرائض ما أمر الله به على وجه الإلزام، والنوافل ما ندب الله جل وعلا إليه على غير وجه الإلزام.