إن من فاته الوقوف بعرفة عليه أن يتحلل بعمرة، ويقضي الحج في السنة القابلة، ويجب عليه دم الفوات, وحكمه حكم المحصر إلا إذا كان اشترط بقوله: (محلي حيث حبستني) فحبس ولم يقدر على الإكمال وفاته فلا شيء عليه, وله تأخير الدم إلى سنة القضاء, أما الفوات فلا فرق فيه بين المعذور وغيره, ولو أن إنساناً أخذوه وحبسوه ظلماً، ولم يقدر على المجيء إلى عرفة، فتحلل بعمرة فهذا معذور, لكنه لو بقى قاعداً في مكة وقال: آخر الليل سأذهب إلى عرفة، وفي آخر الليل لم يجد ما يوصله ففاته الحج فهذا غير معذور، فإن الذهاب إلى عرفة يكون عند وقت الظهر, وهذا فهو آثم بتقصيره هنا، لكنه لو نوى أن يحج وبعد ذلك ألغى نيته؛ لأنه قد حج قبل ذلك فهذا لا شيء عليه, لكن الذي عليه فريضة الحج ويترك ويقصر إلى أن يفوت عليه يوم عرفة وليلة جمع فهذا آثم في ذلك, فهو والذي كان معذوراً في تأخره عليهما دم.
والمكي وغير المكي سواء في الفوات ويلزمهما الدم, وفرق بين أن المكي يلزمه الدم بفوات الحج وبين أن يلزمه الدم بالتمتع، فلا يلزمه الدم بالتمتع بالعمرة إلى الحج؛ لأنه من أهل مكة, وقد قال ربنا عز وجل {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] لكن الفوات هنا تقصير فعليه الدم في ذلك, وإذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وفرغ منها، ثم أحرم بالحج ففاته لزمه قضاء الحج دون العمرة, والذي اعتمر في أشهر الحج وانتظر متمتعاً إلى أن يأتي يوم التروية، ليبدأ بمناسك الحج، فحبس بسبب من الأسباب أو منع من الحج فعليه عمرة وتكون مجزئة, وإذا أحرم بالحج في يوم التروية ومنع من المناسك فهو معذور، وله أن يتحلل إذا استيقن أنه لا يقدر على الوصول إلى عرفة في يوم عرفة, وإذا فات القارن الحج حل، وعليه الحج من قابل, والقارن هو الذي يحرم بعمرة وحج معاً، ولكن الأفضل أن يقضي على نفس الصورة التي كان عليها، وهي القران، ولكن لو أنه تحلل بعمرة فقد أدى العمرة التي عليه، ويجوز له بعد ذلك أن يأتي بحج فقط, وإذا أتى قارناً فيلزمه هديان هدي للقران، وهدي للفوات.