الفوات في اللغة: من فاته الشيء يفوته فوتاً وفواتاً أي: ذهب عنه.
وفي اصطلاح الفقهاء: هو أن يحرم بالحج، ثم لا يدرك الوقوف بعرفة في وقته ومكانه المحدد ولو لحظة لطيفة, ولا يتخيل في العمرة الفوات؛ لأن وقت العمرة لا حدود له، أما الحج فله وقت معين، ومن فاته الحج سواء ضل المكان أو وصل متأخراً إلى عرفة وقد فات وقت الوقوف بها فإنه قد فاته الحج، والفوات يكون في الحج فقط، وأما الإحصار فقد يقع في الحج وفي العمرة، فيقال: حصر أو أحصر يجوز ذلك كله في اللغة.
والإحصار اصطلاحاً: المنع من إتمام أركان الحج والعمرة.
الإحصار يكون سبباً لفوات الحج, ويفوت الحج بفوات الوقوف بعرفة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة) , وقوله: (من جاء ليلة جمع -أي: ليلة المزدلفة يعني: عند غروب الشمس يوم عرفة- قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج).
وروى البيهقي عن الأسود بن يزيد قال: سألت عمر عن رجل فاته الحج قال: (يهل بعمرة وعليه الحج من قابل)، فلا يخسر النسكين بل يتحلل بعمرة, فيطوف بالبيت ويسعى، فإن فاته الحج فالعمرة لا تفوته, قال: (ثم خرجت العام المقبل فلقيت زيد بن ثابت، فسألته عن رجل فاته الحج قال: يهل بعمرة وعليه الحج من قابل) أي: إن كانت الاستطاعة ما زالت فيه، فيلزمه في السنة القادمة أن يحج.
وجاء عن ابن عمر أيضاً أنه قال: من أدرك ليلة النحر ولم يقف بعرفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج, فليأت البيت، فليطف به سبعاً، وليطف بين الصفا والمروة سبعاً، ثم يحلق أو يقصر إن شاء، وإن كان معه هدي فلينحر قبل أن يحلق، فإذا فرغ من طوافه وسعيه فليحلق أو يقصر، ثم ليرجع إلى أهله، فإذا أدركه الحج من القابل فليحج إن استطاع، وليهد، فإن لم يجد هدياً فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
فظهر من هذه الآثار أن من أحرم بالحج ولم يقف بعرفة، فإنه يلزمه أن يتحلل بعمل عمرة، والراجح أنها تغني وتجزئ ولا يقضيها.
وإن كان سعى عقب طواف القدوم كفاه ذلك، ولا يسع بعد الفوات، ولا يلزمه المبيت بمنى ولا الرمي؛ لأنه قد فاته الحج وتحلل بأعمال العمرة, ومن فاته الحج وتحلل وجب عليه القضاء على الفور في السنة الآتية ما دام مستطيعاً، ولا يلزمه قضاء العمرة؛ لأنه قد فعل هذه العمرة، هذا على الراجح من كلام أهل العلم، فيكون عليه قضاء الحج فقط.