روى الترمذي عن حجية بن عدي عن علي رضي الله عنه قال: البقرة عن سبعة.
فهذا من قول علي رضي الله عنه قال: قلت: فإن ولدت البقرة؟ فقال: اذبح ولدها معها.
أي: طالما أنك جعلت البقرة أضحية ومعها ولد ولدته حين التضحية فابنها ضحية معها، قال: قلت: فالعرجاء؟ قال: إذا بلغت المنسب.
والمعنى: إذا كان هذا العرج طرأ عليها في المكان التي تذبح فيه فصاحبها معذور في ذلك، قال: قلت: فمكسورة القرن؟ قال: لا بأس.
هذا كله من قول علي رضي الله تعالى عنه، ثم رفع الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أمرنا أو أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العينين والأذنين)، والاستشراف أن تنظر إلى الشيء من علو، فعندما تنظره تقول: أستشرف على كذا، أي: أنك تنظر إليه من بعيد، أو تدقق النظر على الشيء البعيد.
وكأن المعنى هنا: أنك تنظر إليها وتجيد النظر وتبحث فيها عن هذه الأشياء والصفات في العينين والأذنين، أي: ينظر إلى العين أعوراء هي أم لا؟ أما العمياء فترد من باب أولى، وكذلك تنظر إلى الأذنين حتى لا تكون مشقوقة أو مقطوعة الأذن، فيستشرف لذلك.
وهذا الحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت رواية أخرى توضحه وإن كان إسنادها ضعيفاً، وفيها: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العينين والأذنين)، إلى هنا صحيح، ثم قال: (ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء)، هذه الأشياء تكون في الأضحية فنهي عنها، وإن كان هذا الجزء -أي: الثاني- من الحديث ضعيف الإسناد، ولكن يستحب للإنسان أن يراعي هذه الأشياء، أي: ألا يضحي بعوراء، وهي التي بعين واحدة.
قوله: (ولا مقابلة)، المقابلة: التي طرف أذنها مقطوع، قوله: (والمدابرة)، أي: التي آخر أذنها مقطوع، إذاً: فالمقابلة: مقطوعة الأذن من الأمام، والمدابرة: مقطوعة الأذن من الخلف.
قوله: (الشرقاء)، أي: مشقوقة، فإذا كانت الأذن مشقوقة فهي الشرقاء.
قوله: (والخرقاء)، وهي التي فيها خرق، أي: أنها مثقوبة الأذن على هيئة كبيرة، بحيث يكون وسماً بكي ونحوه ليعرفوا أن هذه أضحية من غيرها.
وهذا الجزء الزائد من الرواية هذا الذي فيه التفصيل ضعيف إسناده، لكن الحديث الذي عند الترمذي أمرنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العينين والأذنين، أي: ننظر لسلامة العينين والأذنين، فما كان من مرض أو عاهة بسيطة غير مؤثرة فلا تؤثر، أما إذا كانت بينة كما في الحديث الآخر فإنها تؤثر.
قال الخطابي: في الحديث دليل على أن العيب الخفيف في الضحايا معفو عنه، إلا أن الحديث قال لنا: البين، إذاً: يوجد فرق بين البين الواضح الجلي وبين غير البين، الذي هو غير الواضح وهو الخفي؛ لأن في الحديث: بين عورها، وبين مرضها، وبين ضلعها، فالقليل منه غير بين فكان معفواً عنه.