قال النووي: أجمعوا على أن العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء لا تجزئ التضحية بها، وكذا ما كان في معناها، أو أقبح منها.
بمعنى: إذا كان الحديث يذكر لنا لا يجوز التضحية بالعوراء بين عورها، فالعمياء لا تجزئ من باب أولى.
فالأضاحي فيها تقرب إلى الله عز وجل بهذه اللحوم، فتخرج الشيء الجميل المنظر، التي لحمها كثير، وكذا شحمها أيضاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يتقرب إلى الله عز وجل بما كان على هذه الصفات.
وقوله: (فالعوراء البين عورها)، العادة في الحيوان إذا عورت إحدى عينيه أن يصير نظره في جهة واحدة، أي: في العين الأخرى، ولعل الطعام موضوع للشاة في مكان وعينها التي في اتجاهه عوراء، فلا يرى الطعام، فيكون الطعام موضوعاً لها جاهزاً وهي لا تذهب إليه بسبب العور، فالغالب أن تكون العوراء هزيلة، ولا يمنع أن تكون العوراء غير هزيلة، فقد تكون العوراء أو العمياء يعلفها صاحبها ويهتم بها أن تبقى أفضل من غيرها، ولكن فيها عيب من العيوب، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يحب أن يضحي بما فيها عيب من العيوب، وإنما يضحي بالشيء السليم.
وكأنه استبشار أن هذه الأضحية لله عز وجل؛ لعل الله عز وجل أن يعتق بها صاحبها، فإذا تقرب إلى الله تقرب بسليمة الأعضاء، أي: التي أعضاؤها كلها سليمة؛ لعل الله أن يعتق أعضاء صاحبها من النار بما قربه لله تبارك وتعالى.
وهناك ما يمكن أن تكون عرجاء وصاحبها يهتم بها لكونها عرجاء، وهذا ممكن أن يكون، ولكن في النهاية فيها عيب، فلا تتقرب إلى الله بما فيه عيب، وهذه الأشياء المعيبة عندما تبيعها من يشتريها سيقول لك: هذه فيها عيب، فتباع بثمن أقل، فيبخس الثمن فيها، فإذا كان هذا في الناس فكيف تتقرب لرب الناس بما فيه عيب يراه الناس؟! إذاً: فالعرج إذا كان يسيراً بحيث لا يجعلها تتخلف عن الماشية لا يضر، لكن إذا كان كثيراً فهو يضر.
وكذلك إذا كانت الأضحية عوراء فالتضحية بها ممنوع، والعمياء من باب أولى.