بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
روى أصحاب السنن عن عبيد بن فيروز قال: سألت البراء بن عازب رضي الله عنه ما لا يجوز في الأضاحي فقال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصابعي أقصر من أصابعه، وأناملي أقصر من أنامله، فقال: أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ضلعها، والكسير التي لا تنقي، قال: قلت: فإني أكره أن يكون في السن نقص، قال: ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد).
وفي لفظ للنسائي (لا يجوز من الضحايا العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي)، وقد وردت أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم فيها بيان ما الذي لا يجوز من الأضاحي، فإذا أردت أن تضحي فخذ الشيء الذي يرضي ربك سبحانه لتتقرب به إليه.
وهذا الشيء الذي تتقرب به إلى الله لابد أن يكون جميلاً في منظره، سيمناً، ويكون في السن المجزئة التي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها فيه.
فهنا في حديث البراء بن عازب يذكر أربعاً لا تجوز في الأضاحي، أولها: (العوراء بين عورها)، والعور قد تبقى معه العين، لكنها تضيع، أي: لا تبصر، فالعوراء قد يكون في بصرها شيء ولكنه غير مؤثر، لكن الحديث ذكر الشيء المؤثر، وهو البين عورها، إذاً: فما فيها عور بين لا تجوز في الأضاحي، أما العور الغير بين أي: الشيء البسيط الذي ما له قيمة فتجزئ مع وجوده.
ثانيها: (والمريضة البين مرضها)، المرض إما أن يكون مرضاً يسيراً فهي مجزئة معه، أما المرض الذي يؤثر فيها ويهزلها فغير جائز أن يضحى بها.
ثالثها: (والعرجاء البين ضلعها)، معنى: ضعلها أي: الاعوجاج، والمعنى: العرج البين في اليد أو الرجل بحيث يبدو في مشيتها، فهذا الاعوجاج مؤثر فلا تصح في الأضاحي، والضلع يكون في اليد أو في الرجل، أما إذا كان العرج غير بين فتجزئ في الأضاحي.
رابعها: (والكسير التي لا تنقي)، معناها: المنكسرة الرجل، ومعنى: لا تنقي، أي: لا نقي لها، فقد صارت هزيلة فلا لحم فيها ولا شحم، وهي التي لا مخ لها فلا شحم بداخلها، فهي هزيلة جداً ما فيها إلا جلد على عظم، فهذه لا تجزئ.
وفي الرواية الأخرى قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجوز من الضحايا: العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي)، فذكر الكسير وذكر العجفاء، وكأن المعنى متقارب، أي: في كل هذه الحالات يراد أن تكون هزيلة لا تقدر على الأكل، فلا تجزئ في الأضحية.