إن كان الطواف في غير حج ولا عمرة لم يصح بغير نية، مثل: إنسان داخل الحرم، وأراد أن يطوف بالبيت في غير حج ولا عمرة، فهذا لابد له من نية الطواف قبل الشروع فيه، وللإنسان هنالك أن يكثر من الطواف بالبيت ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فيطوف بالليل ويطوف بالنهار، فهذا فيه ثواب عظيم جداً، أما الحاج والمعتمر فإن نية الحج أو العمرة تأتي على الأفعال التي يفعلها بعد ذلك، فلو أنه في حجه طاف بالبيت ونسي قبل طوافه النية، أو سعى بين الصفا والمروة ونسي أن يستحضر النية ولكن هو يعلم أنه يسعى، أو ذهب إلى منى، أو إلى عرفات ونسي النية، فالراجح أن نية الحج تأتي على جميع الأعمال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع حاجاً يقول: (لبيك عن شبرمة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)، فتغيرت نيته من حج عن غيره إلى حج عن نفسه، وتسري بعد ذلك هذه النية التي في إحرامه إلى ما يفعل من أفعال بعد ذلك إن كان في حج أو عمرة.
وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، وقال به أبو حنيفة والثوري، وذهب الإمام أحمد وإسحاق وأبو ثور وابن القاسم المالكي وابن المنذر إلى أنه لا يصح منه عمل إلا بنية، فحتى لو نوى في البداية أن هذا حج له، أو أن هذه عمرة، فلابد له عند الطواف أن ينوي الطواف، وعند السعي ينوي السعي، وهذا الذي ذكرنا أنه ينبغي أن يفعله خروجاً من الخلاف، وإن كان الراجح أنه لو نسي النية في أول الطواف فتكفيه النية التي كانت قبل ذلك.