الإحسان بالنسبة للراقي .. ، الراقي ما فيه ميل، هل فيه ميل إلى المخلوق؟ المسترقي فيه ميل، ولا شك أنه يخدش في التوكل، ولولا أنه يخدش في التوكل ما مُدح تركه الذي هو الاسترقاء، لكن الراقي هل عنده ميل بقلبه وحَيْدٌ عن التوكل ولو يسير؟؛ لأنه يقول: "والمعنى الذي حمله على التغليط موجود في المسترقي؛ لأنه اعتل بأن الذي لا يطلب من غيره أن يرقيه تام التوكل فكذا الذي يقال له الذي يفعل غيره به ذلك ينبغي أن لا يمكنه منه لأجل تمام التوكل".
يعني يقول: المسترقي .. ، لا شك أن الاسترقاء طلب الرقية خلاف الأولى، فينبغي أن تمنع الرقية بطلب وبغير طلب، لأنه إذا قلنا: إن المسترقي فعل خلاف الأولى فالمرقي ولو من غير طلب لا بد أن يوجد في قلبه شيء من ذلك، لا سيما إذا استشرف لذلك واستروحه ومال إليه، وقد يكون تشوفه إلى الرقية أشد من تشوف الطالب، ولذلك حينما يكون التوكل غاية عند الإنسان فلا يطلب من يرقيه، ولا يطلب من يطبه، هذا لا بأس أن دخوله في الحديث لا إشكال فيه، دخوله دخول أولي؛ ((وعلى ربهم يتوكلون)).
لكن بعض الناس يسمع مثل هذا الحديث ولا يطلب من يرقيه، ولا يذهب إلى الطبيب، لكنه يتشكى، يشكو على كل من رآه، أنا مرضت، ووجعت وجعاً شديداً، ولا استرقيت، ولا عالجت، ولا كذا، ولا كذا، وصار يشكو إلى الناس، هذا الاسترقاء أسهل من هذا الصنيع، كونه يطلب من يرقيه أو يطلب من يطبه أسهل من هذا.
الأمر الثاني: أن الرقية من غير طلب بالنسبة للمرقي لا تنافي ما جاء في هذا الحديث من جهة؛ لأنه لم يسترقي لم يطلب من يرقيه.
الأمر الثاني: هل الأكمل أن يرد من أراد أن يرقيه أو لا يرده؟ عائشة رقت النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما ردَّها، أو نقول: إن وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- في مثل هذه المضايق يختلف عن وضع غيره؟ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يباشر الأسباب لكنه لا يتصور أن يلتفت إليها بوجه من الوجوه، هناك مضايق أنظار، يعني كون الإنسان يبكي على الميت، ولا يكون في قلبه أدنى اعتراض على القدر، هذا هل يحصل لغير النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هل يمكن تحقيقه؟