ولما أريد أن أعرف الحديث الصحيح لغيره أقول: هو الحديث الذي رواه العدل خفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، ويروى من غير وجه بنحو ذلك أو مثله، وهذا باختصار شديد عملية حسابية، الحسن لغيره هو الحديث الذي رواه الضعيف ضعفاً يسيراً يرتقي، فجاء من طريق آخر، فمن مجموع الطرق يرتقي من الضعيف إلى الحسن لغيره.
والحديث الصحيح لغيره: هو مجموع حديثين كل منهما حسن لذاته، فيرتقيان إلى صحيح لغيره، وحديثان ضعيفان يرتقيان إلى حسن لغيره.
فالحديث الصحيح لغيره: هو ما رواه العدل خفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه، وليس بلازم من كلمة (عن مثله) أن يكون كل راوٍ خفيف الضبط، وإنما المراد مثلية العدالة إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، وروي من غير وجه نحو ذلك أو مثله.
وبهذا عرفنا الحديث الصحيح لذاته والصحيح لغيره، والحسن لذاته والحسن لغيره.
ومسألة الحديث الحسن مسألة مهمة جداً، خاصة الحسن لغيره، أما الحسن لذاته فليس فيه مشكلة، أما الحسن لغيره فهو الذي يبين ما إذا كان الباحث أو طالب العلم فاهماً أم لا؛ لأنه مفترق طرق بين قبول الحديث ورده، واجتهاد من الباحث هل هذه الطرق أو كثرتها يؤدي إلى الارتقاء أم لا يؤدي؟ وهل هذا الضعف الذي اتهم به الراوي من الضعف اليسير الذي ينجبر أم من الضعف الذي لا ينجبر؟ فلو جاء حديث من مائة طريق وفي كل طريق راوٍ كذاب فإنه لا ينجبر، ولا يزال الضعف من هنا إلى يوم القيامة، ولا يمكن أن يرتقي، بل يظل ضعيفاً، وتطمئن النفس إلى عدم صحة هذا الحديث إطلاقاً، يعني: الحديث الذي فيه راوٍ كذاب أو متهم بالكذب أو منكر أو متروك أو نحو ذلك مهما جاء من طرق متعددة فإنه لا يزيد الضعف إلا ضعفاً.
فليس كل ضعف يرتقي، ولذلك هناك أنواع من الضعف ترتقي، وأنواع لا ترتقي، فنريد أن نعرف أصل كلمة: (الحديث الحسن)، أو تعريف هذا المصطلح.