تعريفات أخرى للحسن: تعريف ابن الجوزي: ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية وفي كتاب الموضوعات قال: الحديث الحسن: هو الذي فيه ضعف قريب محتمل.
فقوله: (قريب محتمل) مسألة نسبية، فما كان قريباً محتملاً عندك ليس بقريب محتمل عندي؛ لأن العلماء اختلفوا في مسألة الحكم على الرجال، فقد تجد راوياً يقول عنه عالم: ثقة، وفي نفس الوقت يقول عنه غيره: ضعيف، والذي يقول: ضعيف يقول أيضاً: لا يرتقي، وغيره يقول: ضعيف يرتقي وغير ذلك.
فتعريف ابن الجوزي للحديث الحسن بقوله: هو ما كان فيه ضعف قريب محتمل، هذا الكلام يتنزل على تعريف الترمذي.
لأنه يقول: الحديث الحسن: هو ما كان فيه ضعف قريب محتمل، ونحن قلنا قبل هذا: إن من الضعف ما لا يحتمل، ومنه ما يحتمل، فما كان يحتمل فيرتقي إلى الحسن لغيره، وما كان لا يحتمل يلحق بالبواطيل والمناكير والموضوعات.
أما الحافظ ابن حجر فهو كان يعرف الحديث الحسن لذاته الذي ينزل عن مرتبة الصحيح بقليل.
أما ابن الجوزي فهو يعرف الحسن لغيره، مثل الترمذي تماماً، فإن الترمذي قال: الحديث الحسن عندي: هو ما لم يكن في إسناده راوٍ متهم بالكذب، ولا يكون شاذاً ولا معللاً، ويروى من غير وجه نحو ذلك أو مثله.
فكلمة: (ويروى من غير وجه نحو ذلك أو مثله) يدل على أنه يعرف الحسن لغيره.
وكذلك الإمام ابن الجوزي يعرف الحديث الحسن لغيره لا لذاته.
إذاً: فالحديث الحسن لذاته: هو ما نزلت فيه رتبة الراوي عن مرتبة التوثيق إلى مرتبة الصدق والأمانة.
والحديث الحسن لغيره: هو الذي يأتيه الحسن لا من ذاته ومن ذات الإسناد، وإنما بمجموع الأسانيد والطرق التي روي بها ذلك الحديث.
وسيأتي بعد ذلك الحافظ ابن الصلاح يلم شعث هذه التعريفات، ويقول: (وأنا نظرت فإذا بهذه التعريفات كلها إنما تدل على قسمين: قسم يتنزل على الحسن لذاته.
وقسم يتنزل على الحسن لغيره).
وسنأخذ هذا إن شاء الله تعالى في محاضرة قادمة.