قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كما غلطوا في تأويل حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإيمان ما هو؟ فقال: أن تؤمن بالله].
يعني: أن المرجئة غلطوا في تأويل حديث جبريل المشهور، وهو حديث عمر بن الخطاب الذي رواه الإمام مسلم في الصحيح مطولاً، ورواه البخاري عن أبي هريرة مختصراً، وذلك أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يعرفه أحد، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ فأخبره بأركان الإسلام الخمسة، فقال: أخبرني عن الإيمان؟ فقال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره).
فالمرجئة ظنوا أن من آمن بقلبه بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، حصل له كمال الإيمان، ولو تساهل في الصلاة ولم يصل الصلاة في وقتها، ولو تساهل في أداء الزكاة، ولو فعل بعض المحرمات، كأن زنا، أو سرق، أو شرب الخمر، وهذا في الحقيقة مؤمن لكنه ناقص الإيمان، فغلطوا في تأويل هذا الحديث، وظنوا أن من آمن بالأركان الستة فإيمانه كامل ولو كان مقصراً في بعض الواجبات، أو مرتكباً لبعض المحرمات.