قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهذا هو الموضع الذي غلط فيه من ذهب إلى أن الإيمان بالقول لما سمعوا تسمية الله إياهم مؤمنين، وأوجبوا لهم الإيمان كله بكماله].
أي: أن هذا هو الموضع الذي غلط فيه المرجئة، وهم الذين ذهبوا إلى أن الإيمان بالقول، فالمرجئة يقولون: الإيمان: تصديق بالقلب فقط، فسبب غلطهم: أنهم سمعوا أن الله سماهم مؤمنين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:104]، فظنوا أن كل من ناداه الله باسم الإيمان يكون إيمانه كاملاً، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178] ثم قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيء} [البقرة:178]، فجعل القاتل أخاً للمقتول، وهذه أخوة الإيمان، لكن لا يلزم من هذا كمال الإيمان.
فالمرجئة غلطوا وظنوا أن الله لما سماهم مؤمنين في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178]، أنهم حصلوا على الإيمان الكامل، وهذا من غلطهم وجهلهم؛ لأن القاتل ضعيف الإيمان وناقص الإيمان، فهذا منشأ غلط المرجئة، وهو أنهم لما سمعوا الله سماهم مؤمنين وإن كانوا عصاة ظنوا أن إيمانهم كامل، وهذا غلط، فالإيمان الكامل إنما يوصف به من أدى الواجبات، وانتهى عن المحرمات، والتزم بشرع الله ودينه، أما من فرط في بعض الواجبات، أو فعل بعض المحرمات، فهذا إيمانه ناقص وضعيف.