قال ابن كثير عند قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب:35]؛ قال: في هذه الآية دليل على أن الإيمان خير من الإسلام، يعني: الإيمان مرتبة أعلى من مرتبة الإسلام، كما أن الإحسان مرتبة أعلى من مرتبة الإيمان، كما في حديث جبريل في بيان مراتب الدين.
فكل محسن مؤمن، ولا يلزم أن يكون كل مؤمن محسناً، وهكذا.
قال: والدليل على ذلك قوله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]، فنفي الإيمان عنهم هنا إنما هو نفي لكماله، ولو قلت: إنها نفي للأصل فتكون الآية على هذا خطأ، ومن قال بذلك كفر.
{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [الحجرات:14] أي: الإيمان الكامل، {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]، أي: معكم أصل الإيمان، وأما كماله وتمامه وواجبه فلا؛ لأنكم لا تبلغون ذلك إلا إذا دخل الإيمان في قلوبكم، قال: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:14]، ولا يدخل الإيمان في القلب إلا بالعمل.
وكونه لا يعمل لا يزال من أهل الإسلام، ولا يلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين، وهذا دليل على أن الإيمان أخص من الإسلام.