قال: [قال النبي عليه الصلاة والسلام: (اتركوني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم، فما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم)] وهذا يدل على أن النهي الشرعي في مقدور كل إنسان؛ لأنه لم يستثن منه شيئاً صلى الله عليه وسلم، وإنما قال: (فاجتنبوه) بخلاف الأمر، فإن الأمر أحياناً يكون أكبر من قدرة المكلف، وأحياناً يكون في مقدوره، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (وما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم) ولم يقل: فائتوه كما قال في النهي: (فاجتنبوه)، ولم يقل في النهي: فاجتنبوا منه ما استطعتم، وإنما قال: (فما نهيتكم عنه فاجتنبوه) أي: للدلالة على أن النهي في مقدور كل إنسان أن يبتعد عن المعاصي والمنهيات، وأما الأوامر فقد أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نصلي قياماً، وأمرنا الله عز وجل أن نصلي قياماً: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]، وهذا يدل على أن القيام في الصلاة واجب في الفرض على المكلف، وأما إذا عجز عن القيام لعلة أو مرض أو غير ذلك؛ جاز له أن يصلي قاعداً، أو على جنب، أو مستلقياً حسب قدرته؛ لأن القيام ليس بمقدوره، وهو من باب الأوامر.
قال: [وفي رواية عند مسلم وأحمد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم)]، وهناك: (بكثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم، واختلافهم - أي: على أنبيائهم-، فإذا أمرتكم بشيء فخذوا به، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا)].