قال: [اعلموا إخواني! أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواماً من السنة والجماعة].
أي: فكرت وتدبرت في الأسباب التي أخرجت أقواماً من عداد أهل السنة والجماعة، وأدخلتهم في عداد أهل البدع.
قال: [واضطرهم إلى البدعة والشناعة، وفتح باب البلية على أفئدتهم، وحجب نور الحق عن بصيرتهم، فوجدت ذلك من وجهين] يعني: هناك سببان أديا بهؤلاء الأقوام إلى ترك الحق، والتنافس في الباطل.
قال: [أحدهما: البحث والتنقير وكثرة السؤال عما لا يعني، ولا يضر العاقل جهله، كما أنه لا ينفع المؤمن فهمه].
أي: النهي عن كثرة السؤال فيما لا يعني، وأما إذا كان السؤال مبناه على الفهم والعلم والعمل فلا حرج فيه شرعاً، بل هو واجب، يقول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43]، بل يشرع كذلك للعالم أن يسأل عما يعلمه إذا كان القصد نشر العلم وبثه في الناس.
قال: [والآخر: مجالسة من لا تؤمن فتنته، بل وتفسد القلوب صحبته]، فلست فقط منهياً عن فساد قلبك أو تجنبك للفتنة، بل أنت مطالب أيضاً أن تجتنب أهل الأهواء بألا تصاحبهم، ولا تقترب منهم، بل تفر منهم فرارك من الأسد؛ لغلبة الفتنة، وانتصار الشر، وغلبة الفساد، وربما أثر عليك في قلبك فوقعت في المحذور.