قال: "واجب"، هذا هو الأول، الحكم التكليفي الأول هو الواجب، وذكرنا أن متعلق الإيجاب هو فعل المكلف، فإذا تعلق الإيجاب بفعل المكلف سمي الفعل واجبا، وهنا يقول أولها واجب، هل هذا مستقيم؟ هل هذا يستقيم؟ هل الواجب حكم شرعي؟ لا ليس بحكم شرعي، الواجب ليس بحكم شرعي، ولذلك ذكرنا فيما سبق أن الأصوليين يقولون إيجاب ووجوب وواجب، ولكل معنى، الإيجاب والوجوب متحدان في الذات مختلفان في الاعتبار؛ لأن الإيجاب هو عين الخطاب، هو نفسه (وأقيموا الصلاة)، وهو نظر الأصولي، والوجوب هو مدلول (وأقيموا الصلاة)، إذن بالنظر إلى فعل المكلف تعلقت الآية (أقيموا الصلاة) فدلت على الوجوب، أما هي عينها فهي إيجاب، ولذلك الأصح أن يقال: "أوجب الله الصلاة إيجابا فوجبت الصلاة وجوبا، مبحث الأصوليين في الأول (أوجب الله الصلاة إيجابا)، ومبحث الفقهاء في الثاني (فوجبت الصلاة وجوبا)، تعلق الإيجاب بفعل المكلف يجعل وصف فعل المكلف أنه واجب، فحينئذ الواجب هذا على زنة اسم فاعل، يدل على ذات وصفة، إذن ذات متصفة بصفة هي الإيجاب، والفعل الذي تعلق به الإيجاب لا يمكن أن يكون هو عين كلام الله عز وجل، مع تقرير أن الإيجاب هو عين كلام الله عز وجل، ولذلك نقول هو حكم والحكم صفة الحاكم، إذن نقول واجب هذا ليس بحكم شرعي وإنما هو فعلٌ، أو فعل المكلف الذي تعلق به الإيجاب فهو من متعلقات الحكم وليس من أقسامه، إذن هو من متعلقات الحكم، يعني ما تعلق به الحكم هو فعل المكلف كما سبق هناك، ولذلك هذه المسائل كلها التي تأتي في الأحكام التكليفية ما يضبطها حق الضبط إلا من عرف محترزات الحكم الشرعي على وجهه الصحيح، ولو بتعمق ولو بدقة ولو بتكلف، هناك قلنا خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، حكم الله أو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، إذن المتعلِّق ليس هو عين المتعلَّق، عندنا متعلِّق ومتعلَّق، ما هو المتعلِّق؟ خطاب، خطاب الله المتعلِّق، نعت لخطاب، المتعلِّق بفعل المكلَّف، فعل المكلَّف متعلَّق به، مثلما نقول هكذا (المروحة) تعلقت بالسقف، المتعلِّق هو الإيجاب، والمتعلَّق به هو فعل المكلَّف، حينئذ الواجب من قسم المتعلِّق أو المتعلَّق؟ المتعلَّق، حينئذ ليس حكما شرعيا، وإنما توسع الأصوليون في ذلك توسعا مما جعل النقد موجها إليهم من هذه الحيثية، وإنما يقال: عرَّف الواجب باعتبار كونه متعلَّقا للحكم الشرعي الذي هو الإيجاب، إذا أردنا أن نحد الواجب باعتبار المتعلِّق لا باعتبار المتعلَّق، فنقول: الواجب باعتبار المتعلِّق وهو الإيجاب، الذي هو الحكم الشرعي الحقيقي، حده ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، وإذا أردنا أن نحده باعتبار المتعلَّق به فنقول كما قال المصنف هنا ما يُثاب أو ما يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك، إذن له حيثيات، ننظر إليه من حيث المتعلِّق فنعرفه من حيث الإيجاب، وننظر إليه من حيث المتعلَّق فنعرفه من حيث كونه صفةً لفعل المكلَّف، نقول الواجب له معنيان: معنى لغوي ومعنى اصطلاحي، أما معناه في اللغة فهو الساقط والثابت، يعني يأتي بمعنى الساقط ويأتي بمعنى الثابت، من مجيئه بمعنى الساقط قوله جل وعلا: [فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا] {الحج:36}، يعني سقطت