هذا الذي ذكره صاحب المراقي تبعا للسبكي في جمع الجوامع، إذن بعض المالكية كما هو مذهب كثير من الشافعية المتأخرين أم القسمة سداسية وليست بخماسية، والأحناف يزيدون على القسمة الخماسية أمرين؛ فيجعلونها سبعة، زادوا ماذا؟ زادوا الفرض والكراهة على جهة التحريم، الكراهة التنزيهية عند الجمهور، والكراهة التحريمية عند أبي حنيفة وأصحابه، ما وجه التفرقة؟ قالوا: نأتي إلى جزء معين، وهو ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، هذا سميناه بماذا؟ بالإيجاب مطلقا، ولا نفصل، يعني سواء ثبت هذا الطلب بدليل قطعي أو بدليل ظني كلاهما يسمى ماذا؟ يسمى إيجابا، عند الاحناف لا، قالوا: ما طلب الشارع فعله على جهة الجزم لا نقول مطلقا هو واجب، وإنما ننظر إلى طريق الثبوت، فإن ثبت ما طلبه الشارع طلبا جازما بدليل قطعي هذا نسميه فرضا، وما طلب الشارع فعله طلبا جازما بدليل ظني فلا نسميه فرضا وإنما نسميه واجبا، إذن القسم الذي أطلق عليه الجمهور أنه واجب مطلقا سواء ثبت بدليل قطعي أو بدليل ظني، عند الأحناف لا، لا يسوون بين الطريقين، بل لابد من التفرقة بين الدليل القطعي والدليل الظني ولذلك عندهم تفرقة بين الفرض والواجب، الواجب ما ثبت بدليل ظني والفرض ما ثبت بدليل قطعي، وعند الجمهور لا، بل هو عينه، ولذلك قال صاحب المراقي: (والفرض والواجب قد توافقا).

وهذا هو الأصح، لماذا؟ لاستواء حدهما كما سيأتي، لأن الفرض ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه على ما يذكره المصنف هنا، وكذلك حكم الواجب، إذن استويا في الحد.

أما الكراهة التحريمية فزادوها في القسم السادس، [هو ماطلب الشارع تركه طلبا جازما]، قلنا هذا نسميه تحريما مطلقا، سواء ثبت بدليل قطعي أو بدليل ظني، عند الأحناف لنظرهم في الفرض والواجب من جهة الدليل والثبوت نظروا أيضا في هذا القسم، فقالوا: ما ثبت بدليل قطعي نسميه حراما، وما ثبت بدليل ظني [ما طلب الشارع تركه طلبا جازما بدليل ظني] لا نسميه حراما، وإنما نطلق عليه الكراهة التحريمية، إذن الفرض عند الأحناف أعلى من الواجب، والحرام عند الأحناف أعلى من الكراهة التحريمية، لأن الفرض ثبت بدليل قطعي والحرام ثبت بدليل قطعي، والواجب ثبت بدليل ظني والكراهة التحريمية ثبتت بدليل ظني، إذن على الترتيب الفرض أعلى ثم الواجب ثم الحرام ثم الكراهة التحريمية، لكن الجمهور يقولون: لا، لا ننظر إلى الدليل بل إلى الحكم نفسه وهو خطاب الله عز وجل، لماذا؟ لاستواء حد كل منهما، الحرام والكراهة التحريمية يشملهما حد واحد، ولذلك لو قيل: حُدَّ لنا الكراهة التحريمية، لقال: ما طلب الشارع تركه طلبا جازما، ما حد الحرام؟ ما طلب الشارع تركه طلبا جازما، إذن نوع الدليل لا مدخل له في حقيقة الشيء، وإنما ننظر إلى مدلول النص نفسه.

إذن: "تكليفية"، قال: وهي خمسة معلومة بطريق الاستقراء، وهذا قول الجماهير، وعند الشافعية وبعض المالكية زيادة خلاف الأولى، وعند الأحناف زيادة الفرض والكراهة التحريمية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015