ثم دلالة الإيماء والتنبيه أنواع كثيرة ذكر منها المصنف بعضاً منها، إما بالفاء يعني أن تدخل الفاء أو يُذكَر حكم عقب وصف بالفاء يأتي وصف ثم يأتي بعده الحكم وتدخل الفاء التي تكون للسببية تدخل على ما بعدها فتدل عل أن ما بعد الفاء حكم مرتب على المعنى السابق فيكون ما قبل الفاء علة لما بعد الفاء، وتدخل على السبب كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((فإنه يُبعث ملبياً)) لأنه قال لا تحنطوه ولا تطيبوه إلى آخره وقال ((فإنه)) إذاً الحكم والمعنى السابق مُعلل بكونه يُبعث ملبياً يوم القيامة إذاً الفاء دلت على العلية إذاً من مات وهو مُحرم يجب اجتناب الطيب ونحوه لماذا؟ لأنه يُبعَث إذاً صار علة للحكم يجب عدم تطييبه علة ذلك الحكم هنا قدم الحكم على العلة وهذا لا بأس به وتدخل على السبب كقوله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يُبعَث ملبياً حينئذ ما بعد الفاء سبب لما قبلها، وعلى الحكم مثل قوله تعالى (وِالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) الفاء دلت على أن هذا الحكم وهو إيجاب القطع علته السرقة نفسها وهذا دليله من وجهين أولاً كون السارق وصفاً والثاني الفاء ولا مانع من أن يجتمع اثنان دليلان فأكثر على العلية وهنا اجتمع دليلان كونه اسماً مشتقاً ورتب عليه الحكم الشرع حكماً فيدل على أن الحكم مرتب على الوصف الذي اشتُق منه ذلك الاسم وسيأتي ذكره هنا، و ((سَهَا فَسَجَد)) إذاً يُلحَق بما سبق ما كان من قول الراوي أما السابق فهو من قول المُشرِّع ((فإنه يُبعث)) هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (فَاقْطَعُوا) هذا قول الرب جل وعلا لكن لو حكا الراوي هل يعتبر أيضاً من دلالة الإيماء والتنبيه أم لا؟ هذا محل خلاف والأصح نعم لأن الراوي صحابي وهو أعلم باللغة من غيره فحينئذ إذا حكا الحكم مرتباً على فاء السبب أو ذكره بعد فاء السبب فحينئذ فهم العلية فحكا لنا ما فهمه وهو أولى بالإتباع، و ((سَهَا فَسَجَد)) هذا من كلام الراوي سَهَا فَسَجَد إذاً السجود حكم سببه علته السهو، ((زَنَى فَرَجَم)) رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاني والعلة الزنا هذا الأول أن يكون بالفاء، إذاً دلالة الإيماء والتنبيه إذا ذُكرت الفاء وذُكر بعدها حكم أو معنى سواء كان من الشارع أو من الراوي دل على العلية، النوع الثاني من دلالة الإيماء والتنبيه ترتيبه على واقعة سُئل عنها هذا إن يكون السؤال مطابقاً للجواب إذا سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن معنى عن قصة عن حادثة عن مسألة فأجاب حينئذ نقول الجواب هذا مُرتباً على ذلك السؤال فنجعل السؤال علة لم تضمنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من حكم أو ترتيبه على واقعة سُئل عنها كقوله - صلى الله عليه وسلم - أعتق رقبة لأنه سُئل عن مواقعة الرجل امرأته في نهار رمضان فقال أعتق رقبة بعد تنقيح العلة، في جواب سؤاله عن المواقعة في نهار رمضان فدل على أن الوقاع هو علة الحكم، أو الثالث لعدم فائدته إن لم يكن علة وهذا المعنى يكاد يكون عام لدلالة الإيماء والتنبيه يعني أن يُذكَر مع الحكم شيء لو لم يُقدَر التعليل به لكان لغواً غير مفيد كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((إنها من الطوّافين عليكم)) في الهرة إنها ليست بنجس