بعضهم رأى ان يضبط بالسن وهذا أولى واحسن لورود السنة، أولا يضبط بالسن لأن السن معيار يمكن أن يضبط به دون الوصف، لأن قد يختلفون الناس، قد يقول فلان هذا الصبي قد يفهم ويرد، أو أنه قد اتصف بصفة ميزته عن الصبي غير المميز، يختلف الناس في هذا ن لكنه بلوغه سبع سنين هذا لا يختلف فيه أحد، والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة لسبع " فلما علق الشرع الأمر بالصلاة وهي عبادة من أهم العبادات بعد التوحيد علقها بتمام سبع دل على أن السن هذا معتبر شرعا، فحينئذ الأولى، قد يقول قائل: الحديث لا يدل، نقول الحديث فيه إشارة ولو نوعا ما، والقول بالوصف لا دليل عليه من الكتاب السنة، فتعليق الحكم بمنا يحتمل أنه مراد من الحديث أولى من تعليقه بما لا دليل عليه أصلا، حينئذ نقول: الفرق بين المميز وغير المميز هو سن سبع سنين، يعني إذا تمت السابعة ودخل في الثامن فهذا مميز. كما الذي ينبني عليه؟ ينبني عليه أنه دون التمييز ليس مكلفا بالإجماع، فلو صلة لا تصح صلاته أصلا ن ولا يصح أن يصف بين الصفوف في الصلاة، وأما إذا بلغ 7 سنين ففيه خلاف في تكليفه والجمهور على أنه ليس مكلفا، إذا الصبي غير المميز ليس مكلفا بالإجماع، والصبي المميز هذا ليس مكلفا على مذهب الجماهير، لأن بعضهم كالإمام أحمد يرى أنه مكلف إذا بلغ العاشرة لأنه قال صلى الله عليه وسلم في الحديث " واضربوهم عليها لعشر " فدل على أن العشر موضوع تكليف لأنه علق عليه الضرب وهو عقاب ولا عقاب إلا على ترك واجب، ولا واجب إلا متعلق بمكلف، حينئذ من يلغ العشر فهو مكلف، والجواب عن هذا أن يُقال عند الجماهير - وهو الأصح - أن الضرب هنا ضرب تأديب وليست عقوبة على واجب، وإنما الأمر " مروهم بالصلاة لسبع " من باب التحبيب والتعويد على الصلاة والمخاطب هنا أولياء الأمور، إذن نقول الصواب أن الصبي ليس مكلفا، لماذا؟ لأنه لا فهم له، غير المميز لا عقل له، والمييز قد يوجد عنده عقل لكنه ليس ذا فهم تام، ولو وجد نوع فهم فغنه غير تام والدليل قوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاث " وذكر منهم " عن الصبي " نسبة إلى الصبا وهو من الولادة إلى البلوغ، قال " حتى يكبر " وفي رواية " حتى يحتلم "، وفي رواية " حتى يبلغ "، إذن الصبي مرفوع عنه قلم التكليف. حينئذ نقول الأصح أنه ليس مكلفا، إذن نقول الصبي والمجنون غير مكلفين؛ لأن مقتضى التكليف الطاعة والامتثال، ولا يمكن ذلك إلا بقصد الامتثال، وشرط القصد العلم بالمقصود والفهم للتكليف لأن القصد إنما يكون بعد الفهم. والأولى أن يعلل بثبوت السنة، إذا وردحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى من التعليلات. إذن نقول المحكوم عليه وهو المكلف لا بد أن يكون متوفرا فيه شرطان وهما العقل وفهم الخطاب. كلما فقد العقل نقول ارتفع التكليف، وكلما فقد فهم الخطاب ارتفع التكليف، ولذلك نقول الأصح في الناسي والساهي والغافل ماذا؟ عدم التكليف، هذا هو الصواب لعدم فهم الخطاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015