بعدما انتهى من الأصل الثالث وهو الإجماع فحينئذ انتقل إلى أصل رابع وهو دليل العقل في النفي الأصلي، فهو أن الذمة قبل الشرع بريئة من التكاليف فتستمر حتى يرد بغيره أو يرد غيره ذكرنا أن الأدلة أو الأصول المتفق عليها أربعة الكتاب والسنة والإجماع والنفي الأصلي والمراد به استصحاب العدم وأما الأصل الرابع من الأصول المتفق عليها وهو دليل العقلي في النفي الأصلي هل يُثبَت بالعقل أحكام شرعية؟ الجواب لا ليس هذا المرد وإنما مرادهم أن الأحكام الشرعية إثباتها إما بالإثبات أو بالنفي لأن النفي حكم كما أن الإثبات نفي كما أن الإثبات حكم الإثبات حكم والنفي حكم حينئذ نقول الأحكام الشعرة إما من جهة الإثبات أو من جهة النفي الإثبات لا يكون إلا بدليل شرعي لا تُثبت عبادة إلا بدليل شرعي لكن النفي للعقل فيه مدخل يعني يُحكَم بدلال العقل الذي يسمى البراءة الأصلية على نفي الأحكام قبل ثبوتها فيقول لك الأصل عدم التكليف لأنه كما سبق أن العلم بالمُكلف لابد أن يكون ثابتاً فإذا لم يكن ثابتاً إذاً لا تكليف فدل العقل على نفي التكليف إذاً للعقل مجال في نفي الإحكام الشرعية التي لم تكن ثابتة بالأصالة أما ثبوتها فيحتاج على دليل لأن الثبوت إيجاد وهذا لابد من دليل والنفي عدم وإذا كان موافقاً للأصل فلا إشكال وأما إذا ورد النفي بعد الإثبات فلا عبرة بالنفي يعني لو أُبت أن الصلوات خمس فقال قائل لا ليست بخمس نقول نفيه هذا لا يُعتبَر به لأن الحكم ثبت لكن لو قال لا صلاة سادسة واجبة عن المكلفين كل يوم نقول وجوب صلاة سادسة هل ثبت أو لا؟ لم يثبت إذاً نفيه بالعقل نقول هو الاستصحاب الذي سيذكره المصنف هنا، وهو دليل العقل في النفي الأصلي يسمى عندهم بالاستصحاب أي بالبراءة الأصلية بمعنى أن العقل دل على براءة الذمة من الواجبات قبل مجيء الشرع فهو أي الدليل العقلي في النفي الأصلي أن الذمة ذمة المكلف قبل الشرع قبل إثبات الأحكام ونزول الشريعة ومنفكة من التكاليف مطلقاً فلا إيجاب إلا بدليل ولا تحريم إلا بدليل ولا كراهة إلا بدليل ولا توجب أي عبادة إلا بدليل لماذا؟ لأن الأصل عدم التكليف وأن الذمة قبل تعلق الشريعة بالمكلفين بريئة من التكاليف كلها بلا استثناء فتستمر أو فيستمر يجوز الوجهان لكن فيستمر أحسن، فيستمر النفي حتى يرد بغيره أي فيستمر النفي الأصلي حتى يرد غيره وهو الدليل الشرعي الناقل عن الأصلي فنقول الأصل عدم إيجاب صلاة مطلقاً في ذمة المكلف فيستمر هذا النفي حتى يُثبَت أن ثم خمس صلوات واجبة عل المكلف في اليوم والليلة خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة على المكلف، إذاً يستمر حتى يرد غيره فتستمر البراءة يعني يصح بالتاء فتستمر البراءة أو يستمر استصحاب النفي الأصلي حتى يرد غيره الأولى حذف الباء هذه حتى يرد غيره وهو دليل شرعي ناقل عن البراءة الأصلية ويُسمى استصحاباً يسمى النفي العقلي في النفي الأصلي يسمى استصحاب استفعال من طلب الصحبة كذلك الاستغفار طلب المغفرة، واصطلاحاً استدامة إثبات ما كان ثابتاً أو نفي ما كان منفياً هكذا عرفه ابن القيم رحمه الله تعالى استدامة إثبات ما كان ثابتاً فالأصل العموم الأصل أن اللفظ عام يشمل كل