الحكم الخامس وهو الإباحة، هل هو حكم تكليفي أم لا؟ يكاد يكون إجماع أنه ليس بحكم تكليفي، إذن إذا لم يكن حكما تكليفيا لماذا أدخله في حد الحكم الشرعي؟ هو حكم شرعي وليس بحكم تكليفي، ولذلك يتنبه طالب العلم أن نفي الأصوليين عن الإباحة كونها حكما تكليفيا لا يلزم من ذلك أن تكون الإباحة ليست حكما شرعيا، بل هي حكم شرعي، وحديثنا الآن في التعريف هل هو من حيث الحكم الشرعي التكليفي فقط أم الحكم الشرعي من حيث هو؟ الحكم الشرعي من حيث هو، حينئذ نقول: إدخال التخيير هنا والمراد به الإباحة لا إشكال فيه أما عدها دون ذكرها في الحد يعني هكذا لو قال قائل: الأحكام التكليفية خمسة، دون النظر إلى حد الحكم الشرعي، فقال خمسة: الإيجاب وكذا وكذا والإباحة، نقول: ذكر الإباحة في ضمن الأحكام التكليفية هذا من باب التسامح والتوسع في العبارة، هكذا ذكر بعضهم، وبعضهم يرى – وهو أحسن – أن الأحكام التكليفية ذُكر فيها الإباحة لن متعلق الإباحة هو المكلف، لأن البهيمة فعلها لا يوصف بكونه مباحا، المجنون الذي لا يتعلق به التكليف لا يسمى فعله مباحا، وإنما هي حكم شرعي، وحينئذ إذا كانت حكما شرعيا كانت خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، والمجنون ليس مكلفا، ففعله ليس مباحا، والصبي بنوعيه المميز وغير المميز ليس مكلفا إذن فعله ليس مباحا، إذن ذُكرت ليس من باب التسامح والتوسع والتساهل، وإنما لكون متعلق الإباحة فعل المكلف، فبالنظر لهذه العلة ذُكرت ضمن أحكام الشرع التكليفية.

(أو بالوضع) هذا لذكر الحكم الثاني وهو الوضع ن المراد بالوضع الجعل، وهو كون الشرع وضع علامة للدلالة على شيء آخر، لكونه إما سببا له، أو شرطا له، أو مانعا، أو كون الفعل صحيحا أو فاسدا، أو وُصف بالأداء أو بالقضاء أو بالإعادة كما يعبر بعضهم ويعمم الحكم الشرعي الوضعي. ولكن اتفق الأصوليونن على أن الأسباب والشروط والموانع أحكام تكليفية، هذا باتفاق، واختلفوا في الصحة والفساد والقضاء والرخصة والعزيمة والأداء والإعادة، هذه أحكام تكليفية ام لا؟ والصواب أنها ليست أحكاما تكليفية وإنما محصورة في الثلاثة كما سيأتي بيانه.

إذن عرفنا الخلاصة أن الحكم الشرعي قسمان: حكم شرعي تكليفي، وهذا يدخل تحته خمسة أحكام، وحكم شرعي وضعي، هذا يدخل تحته ثلاثة أقسام: الشروط والأسباب والموانع.

ثم خطاب الوضع هو الواردُ ... بأن هذا مانع أو فاسد

أو ضده أو أنه قد أوجبا .. شرطا يكون أو يكون سببا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015