يرد إشكال فيما اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له أصل في الكتاب، لأن السنة كما هو معلوم إما مؤكدة وإما مؤسسة، مؤسسة غذا قلنا " وما ينطق عن الهوى " حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم قد يجتهد في بعض المسائل فلا تكون موجودة في الكتاب، فهل النبي صلى الله عليه وسلم مشرع استقلالا؟ نقول: لا، ما اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ووافق الصواب وافق الحق حينئذ نستدل بإقرار الرب جل وعلا على هذا الحق، فهو مرجوع إلى خطاب الله عز وجل، وما اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وكان خلاف الأولى فحينئذ لا بد ان يأتي الوحي بالتصحيح والإرجاع إلى الصواب. لذلك لما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة هل تكفر كل شيء؟ قال نعم، ثم دعا السائل فقال له: إلا الدين أخبرني به جبريل آنفا. فدل على مذا؟ النبي صلى الله عليه وسلم قد يجتهد ثم يُصحح من السماء.
إذن (خطاب الله المتعلق)، عرفناأن المراد بخطاب الله هو كلام الله اقلرآن، وجميع المصادر الأخرى راجعة إلى القرآن، خطاب الله عز وجل متنوع، منه ما يتعلق بذاته، منه ما يتعلقبأسمائه وصفاته ن منه ما يتعلق بأفعال المكلفين ن منه ما يتعلق بذوات المكلفين، منه ما يتعلق بالجمادات، منه ما يتعلق بالبهائم، ونحو ذلك، إذن ليس على وتيرة واحدة، ما هو الحكم الشرعي من هذه المسائل كلها؟ قال: (المتعلق بفعل المكلف) هذا احترازا عن خمسة أشياء، لأن خطاب الله أنواع، فأخرج قوله (المتعلق بفعل المكلف) خطاب الله المتعلق بذاته جل وعلا كقوله تعالى " شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ "، هذا خطاب الله أم ماذا؟ خطاب الله، هل هو حكم شرعي؟ من حيث اللفظ نقول لا ليس بحكم شرعي، لأن متعلقه عند الأصوليين ليس بفعل المكلفوإنما بذاته جل وعلا فلا يسمى حكما شرعيا عند الأصوليين. خرج ما يتعلق بصفاته جل وعلا " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ "، " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى "، " وهو السميع البصير "، " إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا "، نقول هذا خطاب الله القرآن، لكن ليس متعلقا بفعل المكلف، وإنما تعلق بصفاته جل وعلا وأسمائه. الثالث ما تعلق بفعله كقوله " الله خالق كل شيء "، الرابع ما تعلق بذوات المكلفين لا بأفعال المكلفين، بذات المكلف " ولقد خلقناكم ثم صورناكم "، " خلقكم من نفس واحدة "، هذا متعلق بماذا؟ بالذات لا بالفعل الذي هو ثمرة الكسب والإرادة عن المكلف. خامسا خرج ما تعلق بالجمادات " يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة "، نقول هذا خطاب الله هل هو حكم شرعي؟ نقول لا، في الاصطلاح ليس بحكم شرعي، لماذا؟ لأنه وإن كان خطاب الله وإن كان كلام الله غلا أنهليس متعلقا بفعل المكلف، وإنما تعلق بالجمادات. زاد بعضهم سادسا: المتعلق بالبهائم " يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ "، " والطيرُ "، قراءتان، " الطيرَ " منادى، هذا خطاب موجه إلى الطير، هل ننقول هو حكم شرعي؟ الجواب لا لأنه خطاب متعلق بالبهائم.
إذن خطاب الله انواع، كونه المتعلق بفعل المكلف أخرج الخمسة التي ذكرناها أو الستة.