وقال أكثر الشافعية على التراخي، التراخي هذا تعبير في تسامح ولهذا خطَّأهم أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع قال الصواب لا يقال على التراخي لماذا؟ لأنه لو قيل مدلول صيغة افعل التراخي يعني لا تفعل بعد الفعل مباشرة وإنما بعده بزمن حينئذ لو فعل بعد صدور الأمر لم يكن ممتثلاً فرق بين أن يقال مدلول صيغة افعل ليس على الفور وبين أن يقال مدلول صيغة افعل التراخي فرق بينهما إذا قيل التراخي معناه لو أتى به على الفور لم يُعَد ممتثلاً ولذلك وقع نزاع بينهم هل إذا صلى مباشرة في أول وقت صلاة الزهر على القول بالتراخي هل يعد ممتثلاً أم لا؟ لأنه ما أُمر بهذا إنما أُمر أن يصلي بعد وقت بعد زمن متراخي عن الزمن الأول وهذا ليس بصحيح التعبير هذا فيه تسامح وإنما الصواب أن يقال هل صيغة افعل تدل على الفور أو ليست على الفور؟ ليست على الفور معناه قد يكون على الفور أو قد يكون على التراخي، وقال أكثر الشافعية على التراخي يعني ليس على الفور بل يجوز تأخير فعله لماذا؟ قالوا لأن صيغة افعل تقتضي الامتثال من غير تخصيص بزمن دون زمن صلي هل تعرض لزمن ما في وقت إيقاع الصلاة؟ وإنما المراد صلي امتثل الأمر وأأتي بالصلاة الواجب عليك فعل الصلاة لم يتعرض للوقت نقول لا بل الصواب أن الأدلة الدالة السابقة مع ما استدل به بعض الأصوليين بقول الرب جل وعلا لإبليس {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} هنا ما {مَا مَنَعَكَ} لو كان {اسْجُدُواْ} على التراخي هل صح صدور العتاب والذم؟ لا لأنه يتمكن إبليس لم يجب عليَّ على الفور أنت أمرتني {اسْجُدُواْ} وبعد وقت سأسجد فحينئذ لما توجه الذم غليه دل على أن المراد بـ {اسْجُدُواْ} الفور ولو كان على التراخي أو ليس على الفور لكان على إبليس أن يعتذر يقول أوجبت عليَّ أو أمرتني بالسجود ولم توجب علي الفور لكن دل على أنه للفور وأن الاجتهاد أو القول بأنه لا يختص بزمن دون زمن نقول لا يختص بالزمن الأول لقوله تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ} {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} إلى آخره كل هذه الأدلة تدل على أن إيقاع الفعل في أول زمن صدور صيغة افعل هو المطلوب وهو الواجب بدليل قصة إبليس. وقال قوم بالتوقف ما نقول على الفور ولا على التراخي لماذا؟ قال لتعارض الأدلة ثم أدلة تدل على الفورية وثم أدلة ليست تدل على الفورية والصواب أنه على الفور وهذا قول جماهير الأصوليين وهو مذهب مثير من المالكية وقوله بالفور أهل المذهب.