وحُكِيَ ذلك عن أبي حنيفة وأصحابه ما هو ذلك الذي هو التكرار بتكرر لفظ الأمر لو قال صلي صلي لو قال صلي وصلي عطف العطف يقتضي التغاير لا إشكال أن الثانية غير الأول لو قال صلي وصم كل منهما مستقل لو قال صلي ركعتين صلي أربع ركعات الثاني مستقل عن الأول التأسيس وإنما الخلاف في صلي صلي أو صلي ركعتين صلي ركعتين نقول الثاني يُراد به التوكيد لا التأسيس بخلاف ما ذكرناه.

وهو على الفور هذه المسالة الثانية مما تنازع فيها الأصوليين وهي صيغة افعل أيضاً المراد لها المجردة عن القرينة لو قال افعل الآن حًمل على الفورية لو قال صم يوم الخميس القادم نقول حُمل على التراخي والمراد صم متى هذا يكون؟ هل هو على الفور أو على التراخي الذي هو ليس على الفور هذا هو محل النزاع عند الأصوليين المذهب على أنه على الفور ولا يجوز تأخيره إلا بقرينة والمراد بالفور هنا المبادرة بسرعة الامتثال صم فيبادر في أول يقع بعد الأمر يصح فيه الصيام وجب الامتثال صلي مباشرة بعد الانتهاء من صيغة افعل وليس له أن يؤخر بعد وقت إلا بدليل يدل عليه هذا المراد بالفورية ولذلك لما قيل عن الحج واجب على الفور لو أخره إلى السنة التي تليها أثم فلو مات عند ابن القيم رح لا يقضى عنه لا يُحج عنه لأنه تمكن ففرط وإنما النصوص الواردة فيما لم يتمكن فحينئذ القول بالفورية المراد به المبادرة وسرعة الامتثال بعد صدور صيغة افعل مباشرة فلو أخر في الواجب لكن آثماً، وهو أي صيغة افعل على الفور ولا يجوز تأخيره إلا بقرينة لكن يُبيَّن هنا أن من قال في السابق إن مطلق الأمر يقتضي التكرار اتفقوا على أنه للفور إذا قيل بالتكرار معناه متى يبدأ التكرار منذ صدور صيغة افعل إذاً دل على الفور أو لا؟ لزم منه أن صيغة افعل تدل على الفور لأنه لو ترك وقت ماً لم يتمثل فيه الفعل لما كان للتكرار لأن معنى التكرار أنه منذ أن تصدر صيغة افعل الوقت المناسب بعدها مباشرة يبدأ الامتثال ثم يكرر يكرر إلى ما شاء الله فحينئذ استلزم هذا القول بأن صيغة افعل تدل على الفورية ولذلك اتفق من قال بأن مطلق صيغة افعل للتكرار اتفقوا على أنه للفور وإنما الخلاف هل صيغة افعل للفور أو ليست على الفور الخلاف فيمن قال لا يقتضي التكرار إذاً هذا خلاف بين فئة معينة ليس مطلقاً عند كل الأصوليين، وهو على الفور ما الدليل على ذلك؟ قالوا عموم النصوص ظواهر نصوص كثيرة قال تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ} قالوا في الفعل فعل الطاعة مغفرة فتجب المسارعة إليها والمسارعة تقتضي إيقاع الفعل بعد صدور الأمر مباشرة ولذلك مدحهم الله - عز وجل - {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} إذاً هذا مدح أو ذم؟ مدح فدل على أن المسارعة هل الأصل في امتثال الأوامر، ثالثا أ، يقال أن القول بالفورية أحوط وأبرأ للذمة ويكون حينئذ ممتثلاً بقين إذا قيل صلي فقام مباشرة فصلى هذا ممتثل بيقين لكن لو أخّر ولم يمتثل ثم امتثل هل هو ممتثل بيقين أو على شك؟ على شك إذاً لا يكون ممتثلاً بيقين إلا على القول أن صيغة افعل للفور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015