{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} رتب على مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتنة أو العذاب أليم وهذا يدل على ماذا؟ على أن المخالفة ترك للواجب قال {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} يعني يخالفون أمره هذا أصله يخالفون أمره حينئذ رتب الفتنة أو العذاب الأليم على المخالفة فدل على ماذا على أن صيغة افعل أو أمر النبي يُحمَل على الوجوب {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} هذا يدل على أن صيغة افعل أيضاً للوجوب {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الأحزاب36، إذاً إذا أمر الله وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - انتفت الخيرة ولا انتفاء للخيرة إلا مع الواجب لو كان ندب لوجدت فيه الخيرة لأن افعل التي للندب مُقدر معها إن شئت صلوا لمن شاء قبل المغرب لمن شاء فحينئذ إذا أُقترن بها التقيد بالمشيئة حُملت على الندب وقوله - صلى الله عليه وسلم - لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم لولا هذا حرف امتناع للوجوب لولا زيد لأكرمتك امتنع الإكرام لوجود زيد هنا ما الذي امتنع؟ الأمر أمر إيجاب لأي شيء؟ لوجود المشقة لأن الأصل في المشقة أنها ملازمة للوجوب فانتفى الإيجاب فلو أمر لوُجدت المشقة والإجماع منعقد على أن السواك مندوب إذاً دل على أنه لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أمر إيجاب وليس أمر استحباب أو مطلق هنا لأمرتهم أمر إيجاب فجعل المشقة من لوازم الأمر والمشقة ستكون مع الواجب هذا هو القول المُرجح وهذا هو القول الثاني وعليه الصحابة كلهم، يُتنَبَه لمسألة هذه الأدلة دلت على أن مطلق افعل للوجوب فكل صيغة افعل سواء كان في العبادات أو في المعاملات أو في الآداب أو في غيرها مطلقة كل صيغة افعل مجردة عن القرينة فتُحمَل للوجوب لعموم الأدلة {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ما فصَّل هنا قال إذا كان الأمر في العبادات فهو للوجوب قال إن كان في العادات فه الاستحباب – لا – ليس هذا التفصيل، وما يذكره الكثير من الفقهاء أن صيغة افعل إذا كانت في الآداب فهي محمولة للندب فهذا يحتاج إلى دليل لأنه مخالف للنص فإذا وُجد دليل شعري فحينئذ نقبل وإلا فلا اجتهاد مع النص فالأدلة عامة شاملة لجميع الأوامر.