وهو للوجوب بتجرده عند الفقهاء وبعض المتكلمين إذا أُطلق لفظ افعل على أي يدل؟ قال للوجوب ومراده افعل مطلقة عن القرائن لأن الأحوال إذا نظرنا لصيغة افعل الأحوال المحتملة ثلاثة إما أن يُقيَّد بقيد يدل على الوجوب وإما أن يُقيد بقيد على عدم الوجوب وإما ألا يقترن بقيد يدل على الوجوب أو على عدم الوجوب الأولى المقيد بما يدل على الوجوب بالإجماع أنها للوجوب والثانية المقيدة بقيد يدل على عدم الوجوب بالإجماع ليست للوجوب ماذا بقي؟ الثالثة وهي المجردة عن القرائن هذا مراده افعل إذا تجردت عن القرينة أي قرينة؟ قرينة دل على صرف اللفظ عن الوجوب إلى الندب أو على تأكيد الوجوب لا نقول صلي وإلا قتلتك هذا ماذا نفهم منها استحباب ماذا نفهم؟ الوجوب، لم؟ إلا قتلتك هذه قرينة تدل على أنه أراد وجوب الفعل لماذا؟ لأنه رتب العقاب على عدم الفعل وهذا معنى الوجوب صلي وإلا قتلتك صلي إن شئت صلوا قبل المغرب لمن شاء هذه صلوا للاستحباب بالإجماع لماذا؟ لأنه دلت قرينة على عدم إرادة الوجوب وهذه كل الحالتين مُجمع عليها بقي إذا لم يقيد بقيد لا يدل على الوجوب أو عدم الوجوب هي التي فيها النزاع والتي ذكرها الأصوليون، وهو أي صيغة فاعل للوجوب بتجرده عن القرينة الدالة عن الوجوب أو عدم الوجوب والأدلة كثيرة بل حُكي إجماع الصحابة على أن صيغة افعل إذا أُطلقت انصرفت للوجوب ولذلك ما كانوا يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا أردت بهذا لو قيل أنها ليست للوجوب أو أنها محتملة للوجوب وغيره لحسن السؤال أن يسأل الصحابة إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ما قال أحد من الصحابة ماذا أردت بهذا يا رسول الله أمر إيجاب أو أمر ندب؟ وإنما حملوه على الوجوب مطلقاً سنوا بهم سنة أهل الكتاب حملوه على الوجوب مطلقاً وأجمعوا على ذلك هذا يُفهَم منه ماذا؟ يُفهَم أنه ما يسمعون أو منذ أن يسمعوا الأوامر من الشرع حُملت على الوجوب مباشرة ولا يسالون عنها هل هي للوجوب أو لغير الوجوب وهذا إجماع ويكفي حكا ابن قدامة الإجماع على ذلك إجماع الصحابة أن صيغة افعل المجردة عن القرائن تُحمَل على الوجوب ويدل عليها أيضاً نصوص ظاهرة من الكتاب والسنة ولذلك توبيخ الرب جل وعلا لإبليس قال {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} لأنه قال {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ} {اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} يعني لم يسجد قال {اسْجُدُواْ} قال {مَا مَنَعَكَ} هذا استفهام إنكاري قُصد به التوبيخ والذم وهل يُذَم ويُوبَخ على ترك غير الواجب؟ الجواب لا فدل على أن قوله {اسْجُدُواْ} هذه محمولة على الوجوب وللفائدة أن الأصوليين هنا دائماً يركزون على قصة إبليس لماذا؟ لأنه لا يمكن إثبات قيد صارف عن الوجوب {اسْجُدُواْ لآدَمَ} لا يمكن أن يأتي بآت بقرينة يُفهَم منها عدم الوجوب وخاصة مع قوله ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك وبخه وعاتبه وأخرجه من الجنة إلى آخره وكتب عليه الشقاء ومد في عمره على شقاء ويموت على شقاء كل ذلك لكونه خالف {اسْجُدُواْ} يدل على ماذا؟ يدل على أن صيغة افعل إذا أُطلقت وجُردت من القرائن تُحمَل على الوجوب كذلك قوله جل وعلا