ومتى درا اللفظ بينهما فالحقيقة ولا إجمال فالحقيقة مقدمة على المجاز لكن يقيدون بأن الحقيقة ألا تكون مُماتة أجمع على الحقيقة تُمات على التقدم له الأثبات يعني يقدم المجاز على الحقيقة الميتة إذا صارت الحقيقة مهجورة فالمجاز أولى لو قال قائل والله لا آكل من هذه النخلة فأكل من الخشب لا من الثمرة يحنث أو لا يحنث؟ لا يحنث لأن النخلة تُطلق في العرف على الثمرة وإن كان في أصل الوضع أنها للجذع والثمرة لكن باستعمالها في الثمرة هو الأشهر فصار استمالها في الجذع مراداً به الجذع هذا كأنه مُمات فحينئذ إذا دار بين الحقيقة المُماتة وبين المجاز الواضح البين فيُحمَل على المجاز أجمع على الحقيقة تُمات على التقدم له الأثبات، ومتى دار اللفظ بينهما يعين بين الحقيقة والمجاز فيُحمل على الحقيقة لأنها الأصل لأن الحقيقة مقدمة على المجاز ولا إجمال ولا يقال بأن اللفظ مجمل لأن اللفظ إذا دار بين معنيين فأكثر ولا قرينة قيل هذا مجمل وهنا إذا تردد بينهما هل هو مع تساوي المعنيين أو مع ترجيح؟ مع ترجيح لأن الأصل في حمل الكلام على أصل ولذلك نقول الأصل في الكلام أنه يُحمَل على الحقيقة دون المجاز يعني الغالب والراجح عند السامع أن يحمل الكلام على حقيقته دون مجازه، ولا إجمال يعني بسبب تردده بين الحقيقة والمجاز لماذا لو حكمنا بالإجمال لاختلال الوضع به يعني لاختل الوضع به أي بالقول بالإجمال يعني هذا تعليل لنفي الإجمال أي لأدي إلى اختلال الحكمة من الوضع وهي الإفهام إذا كان الكلام ينقسم إلى حقيقة وإجمال ثم كل لفظ يجوز أن يستعمل في مجازه كل حقيقة يجوز أن يكون لها مجاز فإذا جاء لفظ له حقيقة ومجاز إذاً يحتمل المعنيين فنقف إذاً كل التراكيب نقف فيها حتى تأتي قرينة مرجحة نقول اختل الوضع إنما وُضع الكلام من أجل قصد التفاهم بين المتخاطبين فإذا حُمل اللفظ على أنه مُجمل وصارت التراكيب كلها مُجملة لأن المجاز يدخل في الفعل ويدخل في الحرف ويدخل في الاسم والحقيقة أيضاً تكون في الفعل وتكون في الحرف وتكون في الاسم حينئذ اختلت حكم الواضع.