ثم قال واصطلاحاً: عرف الفقه في اللغة ثم عرفه في الاصطلاح، يرد السؤال: لماذا أهل العلم يعرفون المصطلحات أو إذا أرادوا أن يفسروا الاصطلاح يقدمون له بالمعنى اللغوي لابد أن يقول مثلاً الصلاة هو يريد أن يتكلم في الصلاة في اصطلاح الفقهاء ثم يقول الصلاة لغة الدعاء والزكاة لغة .. إلى آخره، يُقدمون بالمعنى اللغوي ثم بعد ذك يذكرون المعنى الاصطلاحي، مرادهم بهذا أن يشيروا بأني المعنى الاصطلاحي لا يُباين المعنى اللغوي مباينة مُطلقة، يعني ثم علاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي وهذا على إثبات أن الحقيقة العرفية وكذلك الحقيقة الشرعية أنها منقولة عن الحقيقة اللغوية وسيأتي بحثه في موضعه، فالأصل هو الحقيقة اللغوية، ثم يأتي العُرف فيُخصص المعنى العام العرفي المعنى العام الذي دلَّ عليه اللغوي، أو يُعمم المعنى الذي دلَّ عليه اللغوي. هنا قال واصطلاحاً معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد. هذا هو الفقه في الاصطلاح، والفقه في اللغة الفهم، أيهما أعم؟ اللغوي أعم لأنه فهم لكل شيء سواء كانت أحكام شرعية أم غيرها، أما الفقه في الاصطلاح هو فهم مُقيَّد، هذا الفهم المُقيَّد مُقيَّد بأنه أحكام شرعية، وليست مطلقة الأحكام الشرعية بل المتعلقة بأفعال العباد. إذاً المعنى الاصطلاحي هنا أخص مطلقاً من المعنى اللغوي، فكل فقه اصطلاحي فهو فقه لغوي ولا عكس. قال واصطلاحاً معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد، معرفة: بعضهم يعبر بالعلم وبعضهم يعبر بالمعرفة، وهذا بناء منهم على أن العلم هو إدراك جازم، وإذا عُبِر بالإدراك الجازم بالعلم صار الفقه كله قطعياً، وإذا عُبِر بالمعرفة والمعرفة تشمل النوعين الظني والقطعي صار الفقه منه ما هو مقطوع به ومنه ما هو مظنون، نقول الفقه بعضه قطعي يعني لا يحتمل الخلاف وهو من الدين بالضرورة، وجوب الصلاة هل فيه خلاف على أنها خمس صلوات؟ ليس فيه خلاف لأهل العلم بإجماع العامة والخاصة أنها خمس صلوات والليلة، نقول هذا فقه وهو قطعي يعني يقيني لا يحتمل النقيض ولا يحتمل الخطأ ولا يحتمل الشك، أما مثلاً وجوب صلاة الوتر عند أبي حنيفة نقول هذا مظنون، سنية الوتر عند الجمهور نقول هذا مظنون، لماذا؟ لوقوع الخلاف فيه ولاحتمال الأدلة فحينئذ ثار بعض الفقه قطعياً وصار بعض الفقه ظنياً لأن الأدلة من حيث الثبوت منها ما هو قطعي ومنها ما هو ظني، ومن حيث استنباط الحكم ودلالة النص على الحكم منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني وسيأتي في الكلام على الأدلة.