الحديث الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) يوم القيامة يكون فيه الحساب، فتوزن أعمال العباد السيئات والحسنات، وتقابل هذه بهذه، ويحاسب العبد على أعماله التي تخصه، فيحاسب على صلاته، ما نقص وما أتم فيها، ويحاسب على زكواته، وعلى أذكاره، وعبادته، وجميع حسناته وسيئاته، ثم إذا انتهى من الحساب الذي بينه وبين ربه، عند ذلك ينظر فيما بينه وبين الناس من المظالم، فلا بد أن يحاسب عليها، وأن ينظر فيها، مظلمة في مال، مظلمة في عرض، مظلمة في حرمة، مظلمة في سباب، أو قذف مظلمة في إراقة دم، في إزهاق نفس، وفي قطع طرف، وفي شجة أو نحو ذلك، هذه كلها مظالم بين العباد، أول ما يُنظر في الحقوق التي بين العباد الدماء، يعني: القتل أو ما يقرب من القتل، فإذا كان بين الناس مظالم بدئ بالقتل ونحوه قبل المظلمة في المال، وإذا كان هذا الإنسان قد قتل وسرق وانتهك حرمة، فيؤخذ حق المقتول منه قبل كل شيء، قبل أن يؤخذ منه حقوق المال ونحوها، وهذا دليل على عظم شأن القتل؛ لأنه اعتداء على روح مسلم بغير حق، وإراقة لدمه بغير مبرر، فقدم على غيره.