أم الولد لا يجوز بيعها، وهذا هو القول الصحيح؛ وذلك لأنه تعلق عتقها بوجود ذلك الولد أو أولئك الأولاد، فأصبح ولدها مالكاً لجزء منها، ومن ملك بعض أو كل قريبه عتق عليه، وهذا مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على أن الشرع يتشوف للعتق.
فأم الولد مملوكة لسيدها، وقد ولدت منه ولداً واحداً أو عدداً من الأولاد، فإذا مات مالكها فإن ولدها يكون قد ملك جزءاً من أمه فتُعتق، والصحيح: أنها تعتق من مال الوالد، أي: من رأس المال، وهناك من يقول: تعتق من نصيب أولادها من الإرث، فيحررونها من نصيبهم، ولكن الصحيح أنها تعتق من رأس المال، حتى لو كان ولدها ميتاً؛ وأنه قد انعقد عتقها بوجود هذا الولد الذي ملك جزءاً من أمه.
وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) يعني: إذا أعتق أباه أو أعتق أمه أو أعتق جده أو جدته فقد جازاهم على حضانتهم وعلى تربيتهم له.
وأخبر أيضاً في حديث آخر بقوله صلى الله عليه وسلم: (من ملك ذا رحم محرم عتق عليه) ويراد بالرحم: كل من لو كان أنثى لحرمت عليه، فإذا ملكته فإنه يعتق عليك بمجرد الشراء، أو بمجرد الملكية، كأن تكون ملكته بإرث، أو ملكته بشراء، أو بهبة، أو بغنيمة، أو نحو ذلك فإنه يعتق عليك وويدخل في ذلك الأصول: كالأم والجدات كلهن، وكذلك الأب والجد، والجد أبو الأم، والأجداد من كل جهة، ويدخل في ذلك الفروع: كالأبناء والبنات وأولادهم ذكوراً وإناثاً وإن نزلوا، ويدخل في ذلك الإخوة وبنوهم وإن نزلوا، ويدخل في ذلك الأعمام والأخوال، ولا يدخل ابن العم وابن الخال في ذلك؛ لأنهما ليسا من المحارم.