"فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس"، قالوا: لا، نريد نجوم الكتابة ولو دفعت مقدماً والولاء لنا، "فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فأخبرت عائشة النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((خذيها، واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق)).
((خذيها، واشترطي لهم الولاء)) هل في هذا تغرير لهم؟ وتفويت لمصلحة قصدوها؟ ((خذيها واشترطي لهم الولاء)) يعني هل معنى هذا تغرير؟ نعم، هل في هذا تغرير لهذه الأسرة البيت من الأنصار، يقول: ((اشترطي لهم الولاء)) ما في بأس وافقيهم، وفي النهاية يبين الحكم، هو بين الحكم -عليه الصلاة والسلام- قبل ذلك وعرفه الخاص والعام، وهم خالفوا واشترطوا الولاء، ولذا غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، لو لم يبين قبل ذلك هل يغضب -عليه الصلاة والسلام-؟ ففعلت عائشة؛ لأن بعض الناس يفهم من هذا الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لها ما في بأس أنت غرريهم واشترطي لهم الولاء ودواؤهم عندي، ما هو بصحيح هذا، ولا يظن بالمعصوم هذا، نعم، لكن المعروف أنهم يعرفون الحكم، وقد خالفوا ما جاء في كتاب الله، يعني في شرع الله.
ولذا قال -عليه الصلاة والسلام- لما قام خطيباً حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد)) وهذه يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر في الخطب والمكاتبات، وهي سنة محمدية جاءت في أكثر من ثلاثين حديث صحيح بهذا اللفظ، ((أما بعد)) ولا تقوم الواو مقامها فلا نقول: وبعد، ولا نحتاج إلى ثم، ثم أما بعد كما يقولها بعض الناس.
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد: ما بال رجال)) الأصل أن يقترن جواب أما بالفاء؛ لأنها شرطية، أما حرف شرط، وبعد قائم مقام الشرط، ما بال، الأصل فما بال، ((فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله)) موجود عندكم الفاء، غير الطبعة الذي معنا، طبعات ثانية، عندك؟ هذا الأصل؛ لأن جواب الشرط لا بد أن يقترن بالفاء.