نعم، فيها منة يعني لو قالوا لبريرة: لن نكاتبك، اذهبي واشتغلي كل سنة جيبي لنا أوقية، وفي النهاية ترجعين لنا، صار فيها منة وإلا ما فيها؟ فيها منة، هذا كسبها وهي ملك لهم وكسبها لهم، يعني لو عندك شخص رقيق وتنزله في السوق وتقول له: اللي تكسب هاته، نعم، وإذا اجتمع من كسبه ما يزيد على قيمته أعتقته، لك عليه منة وإلا ما عليك؟ لك عليه منة؛ لأن لك أو من حقك أن تأخذ هذا الكسب ويستمر رقيق، فالمنة موجودة، وهذه حجة من يقول: إن المكاتبة فيها الولاء، لكنها في هذا الحديث: ((إنما الولاء لمن أعتق)) وإن جاء بصيغة الحصر، نعم إلا أن العتق دون مقابل أقوى من العتق بالمقابل، فالأقوى يقضي على الأضعف.
للسيد أن يقول لعبده: اذهب واكتسب وهات الكسب له ذلك؛ لأنه مالك رقبته، لكن هل له أن يأتي بأجير ويقول له: اذهب واكتسب وكسبك لي ولك الأجرة؟. . . . . . . . . له ذلك أو ليس له ذلك؟ ليس له ذلك، لابد أن يكون قد استأجره على عمل معين، لا بد من أن تكون المنفعة التي من أجلها دفعت الأجرة معينة، وعلى هذا نعرف أن من الناس من يأتي بالأجراء ويتركهم يجوبون الأسواق طولاً وعرضاً، بل قد يكلفهم ما لا يطيقون، بل قد يوقعهم في أمور محظورة، يأتي بأجير يدفع له الخمسمائة، الستمائة ريال يقول: هات لي ألف شهري والزيادة لك، بأي مقابل تأخذ عرقه وأجرته؟ وقد لا يستطيع أن يكتسب هذا المبلغ فتضطره إلى المسالك الممنوعة، وكم أدخلت هذه التصرفات على بلدان المسلمين من مشاكل ومصائب.
شركة اللومزين تقول له: هات لي ثلاثمائة يومياً، أو أقل أو أكثر ما أدري عاد بالضبط، والزائد لك، بيضطر أن يشتغل ليل نهار، ويشتغل شيء ممنوع، وشيء جائز من أجل يحصل على هذا المبلغ.
على كل حال الظلم حرام بجميع صوره وأشكاله، وظلم الضعيف العاجز أشد، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إخوانكم خولكم، فإذا كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يطعم، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، وإن كلفتموهم فأعينوهم)) هذا إذا كان عبد مملوك، فكيف إذا كان حر؟