طيب عالم من العلماء عرف بالتأليف وتجويد التأليف، يأتي إليه صاحب مطبعة ويقول له: هذه مائة ألف على أن تؤلف لي تفسير للقرآن في خمسة مجلدات، كل مجلد ثلاثين ملزمة ضبط من كل وجه، خمسة مجلدات في كل مجلد ثلاثين ملزمة هذه مائة ألف، يصح السلم على أن تسلم لي هذا التفسير خلال سنة، يعني بعد سنة من الآن، أو بعد سنتين، السلم صحيح وإلا ليس بصحيح؟ الثمن معلوم والأجل معلوم والقدر معلوم، والحرف يعني يمكن ضبطه بدقه، الحرف رقمه كذا، الورق مقاسه كذا، يمكن ضبط الأمور بدقة، يصح وإلا ما يصح؟
طالب:. . . . . . . . .
يصح، إذا نظرنا إلى القضية مجردة وقسناها على الصنائع والحرف قلنا: الأصل جوازه، لكن يبقى ما الباعث لهذا العالم على هذا التأليف الذي يبتغى به وجه الله؟ العلم الذي يبتغى به وجه الله؟ ما الذي بعثه؟ وما الذي نهزه على التأليف؟ نعم، المبلغ، إذاً يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم، فرق بين أن يكون الشيء مما يبتغى به وجه الله، وأن يكون من أمور الدنيا، لا شك أن هذه المائة ألف تعين هذا العالم على أن يتفرغ للتأليف ونفع الناس، لكن يبقى أن هذا الأمر لا سيما العلم الشرعي الذي يبتغى به وجه الله لا يجوز أن يكون الباعث عليه طلب الدنيا، لا يجوز بحال أن يكون الباعث عليه طلب الدنيا، وإلا الأمور منطبقة تماماً، يأتي إليه ويقول: بعد سنتين من تاريخ اليوم سبعة ثمانية ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين، هذه مائة ألف على أن تحضر لي في هذا التاريخ المحدد تفسير في خمسة مجلدات، تفسير للقرآن في خمسة مجلدات، كل مجلد ثلاثين ملزمة مثلاً، منضبط، لكن يبقى أن هذا العلم مما يبتغى به وجه الله، فلا يجوز أن يكون الباعث عليه أمر الدنيا.
أما ما عدا ذلك من الأمور التي هي في الأصل للدنيا، يؤلف له قاموس في الطب مثلاً إيش المانع؟ في ما يمنع؟ نعم، ليس في ما يمنع، يؤلف له في أي علم من العلوم الذي لا يبتغى بها وجه الله، يعني في الأصل، وإلا بالإمكان أن الصانع يبتغي بصناعته وجه الله، الزارع المزارع يبتغي بزراعته وجه الله، لكن هي في الأصل لا.
على كل حال جمع غفير من أهل العلم يجيزون السلم في كل شيء، في الصناعات، يمكن الأشياء المنضبطة تحضر لي بعد ...