والحديث الثاني حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت ترجل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي حائض، وهو معتكف في المسجد، وفي حجرتها يناولها رأسه، خروج بعض بدن المعتكف لا يؤثر في الاعتكاف، أما خروج جميع البدن يؤثر في الاعتكاف، هنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- يناولها رأسه، وهي في حجرتها، وهي حائض، تباشره وهي حائض، فالحائض طاهرة، ليست بنجس، إنما طاهرة، ولا تؤثر فيما تمسه، ولو كانت يدها رطبة، فلا تؤثر فيما تمسّه، ولو وضعت يدها في مائع لم ينجس، إنما يتقى منها موضع النجاسة، الذي هو موضع الحيض، أما بقية بدنها فطاهر، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يناول عائشة رأسه وهو معتكف، وهي حائض وترجله -عليه الصلاة والسلام- ومثل هذا الخروج الجزئي لا يؤثر في الاعتكاف، بخلاف الخروج الكلي، وفي رواية: كان لا يدخل البيت إلا لحاجةٍ الإنسان أمر لا بد منه، إلا لأمرٍ لا بد منه، بعض الناس إذا اعتكف لا تجد أدنى فرق بين اعتكافه وعدم اعتكافه، يعتكف في العشر الأواخر ثم بعد ذلك عنده التلفون، ومعه الجوال من الأصل، تحضر له الجرائد، يحضر له طعامه على وقته كالمعتاد، وسماره الذين كان يسمر معهم في الاستراحات يجونه في المسجد، هذا اعتكاف هذا؟ المقصود من الاعتكاف الخلوة بالله -جل وعلا- لعبادته، وترك الفضول من كل شيء، من مجالسة الناس، فضول الطعام، فضول الأكل، فضول الكلام، كل هذا يخفف منه بقدر الإمكان، ولذا كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان التي لا يمكن قضاؤها في المسجد، وفي رواية: أن عائشة قالت: إني كنت لا أدخل البيت إلا للحاجة، هي معتكفة لا تدخل البيت إلا لحاجة، يعني حاجة الإنسان التي لا بد منها، والمريض في البيت يوجد في بيتهم مريض، "والمريض فيه، وما أسأل عنه إلا وأنا مارة" يعني إذا كان ما هو على الدرب ليس على الطريق ما رأته، وإنما تسأل عنه كيف فلان كيف فلان؟ وهي ماشية، وعلى كل حال اعتكاف المرأة أجره مثل اعتكاف الرجل، والمرأة شقيقة الرجل في مثل هذا إلا أنه لا بد من أمن الفتنة، يعني لو قالت امرأة: أنا أريد أن أعتكف في مسجد يرتاده الناس، وليس معها من يحفظها ممن يعتدي عليها، قيل لها: ارتكاب أخف الضررين اتركي