فالاعتكاف يبدأ من غروب الشمس يوم عشرين لمن أراد أن يعتكف العشر الأواخر، وفي حديث عائشة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه، على ما جاء في هذا الحديث، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأمر بالقباء فيضرب ليعتزل فيه عن الناس، واعتكف نساؤه وضربن الأخبية، فترك النبي -عليه الصلاة والسلام- الاعتكاف في تلك السنة لئلا يضيقن على الناس، يعني لو جاء شخص يبي يعتكف وجاب خيمته معه وضربها بطرف المسجد، ثم ثاني ثم ثالث، ثم نظرنا ما في مسجد، عشر خيام، عشرين خيمة وين يروحين ذولا؟ وهل من المناسب أن يقول القدوة لهؤلاء: ضفوا خيامكم خلاص لا تعتكفون، أو يبدأ بنفسه قبل يتمثل أمره؟ يبدأ بنفسه؛ لأن الذي يطلبه هو يطلبه الأتباع، وهم لم يعتكفوا إلا لما رأوه اعتكف، وما ضربوا الأخبية إلا لما رأوه ضرب، والله المستعان.
فالرسول -عليه الصلاة والسلام- في تلك السنة ترك الاعتكاف في رمضان؛ لكنه قضاه في شوال، قضاه في شوال، ليس من المناسب أن يقول القدوة: يا لله خلاص ما في اعتكاف ضفوا خيامكم، يا لله شيلوا أثاثكم، وهو باقي؛ لأن القدوة لا بد أن يكون قدوةً بالفعل قبل أن يكون قدوةً بالقول، ولذا قوّض خباءه -عليه الصلاة والسلام-، ترك الاعتكاف في تلك السنة.