((إنك ستأتي قوم أهل كتاب)) وأهل إعرابها بدل من قوم، فإذا جئتهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- يرسم منهج للدعاة، وهذا المنهج يتمثل في الاهتمام بالأهم فما دونه، الاهتمام بالأهم، يجعل الأهم هو في العناية بالدرجة الأولى، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، فإذا جئتهم فادعهم إلى الإسلام، ادعوهم إلى الإسلام والإسلام إنما يكون بالشاهدة، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، أهل الكتاب الذين نزل القرآن وهم موجودون في الأرض كمن بعث إليهم معاذ، وكمن هم في المدينة النبوية، وفي غيرها من أقطار الأرض، في ذلك الوقت هم أهل كتاب، وسموا أهل كتاب في التنزيل في القرآن مع أن عندهم شيء من الشرك، وتختلف معاملتهم عن معاملة المشركين، ولهم أحكماً تخصهم يختلفون بها عن سائر طوائف الكفر من المشركين وغيرهم، ولذا تحل ذبائحهم، وتنكح نسائهم، وطعامهم حل لنا بخلاف طوائف الكفر غير أهل الكتاب، وفيهم شرك يشركون، يقولون: إن الله ثالث ثلاثة، النصارى يقولون: المسيح ابن الله، واليهود يقولون: عزير ابن الله، على كل حال هم فيهم شرك، ولذا يقرر جمع من أهل العلم أنهم ليسوا مشركين، هم كفار إجماعاً، ومن شك في كفرهم كفر إجماعاً، هم كفار لا إشكال في هذا، لكن هل يقال: إنهم مشركون لوجود الشرك فيهم؟ أو يقال: فيهم شرك؟ يقال: فيهم شرك، كما قرر ذلك الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-، وفرق بين أن تقول: مشرك وفيه شرك، ومنافق وفيه نفاق، وجاهلي وفيه جاهلية، فرق بين هذا وهذا، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنه لا يحتاج في نساء أهل الكتاب إلى مخصص يخرجهن من قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة] يقول: هن ليس بمشركات إنما فيهن شرك، لا نحتاج إلى مخصص، والذين يقولون: هم من ضمن طوائف المشركين مثل غيرهم شركهم لا يقل عن شرك غيرهم، يقول: الآية خصصت بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} [(5) سورة المائدة] المقصود أن هذه المسألة هم كفار إجماعاً، كفرهم أكبر ليس بقابل للغفران، لكنهم هل يطلق عليهم الشرك، أو يقال: فيهم شرك؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، والفوائد