ابن عباس حبر الأمة، وترجمان القرآن، وأحد العبادلة، ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، أخباره ومناقبه شهيرة، ومعاذ بن جبل من جل الصحابة، ومن أعلمهم وأعرفهم بالحلال والحرام، قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- حين بعثه إلى اليمن معلماً وداعياً إلى دين الإسلام، وذلك سنة تسع أو عشر أو ثمان على خلاف بين أهل العلم، ومكث فيها يدعو الناس إلى الدين، ويعلمهم الأحكام إلى أن قدم بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال حينما بعثه إلى اليمن ليستعد لمن أمامه: ((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب)) ولا شك أنه بمثل هذا يستعد لمن أمامه، فكل إنسان يهتم لمن أمامه بقدر مستواه العلمي، فالذي يلقي كلمة عند عوام لا يتهم ولا يحتاط لنفسه مثل من يدرس طلاب علم، والذي يدرس المنتهين لا شك أن يهتم أكثر ممن يدرس المبتدئين، نعم، هذا شيء معروف، فالذي أمامك هو الذي يحدد اهتمامك، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له هذا الكلام: ((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب)) لكي يحتط لنفسه، فالاحتياط في مخاطبة من مثل هؤلاء الذين عندهم شيء من العلم أشد من الاحتياط ممن ليس كذلك من عبدة الأوثان الذين لا علم عندهم.
((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب)) والأصل أن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، واليمن فيه يهود، وجهة نجران وما والاها فيها نصارى في ذلك الوقت، على كل حال أهل الكتاب موجودين في جنوب الجزيرة، واليهود أيضا موجودين في المدينة وخيبر وغيرها.