الإمام مالك معروف أنه يتحرى في الرواية، ولا يروي إلا عن ثقة، لكن مع ذلك اغتر -رحمه الله-، اغتر بعبد الكريم بن أبي المخارق، روى عنه، وخرج عنه في موطئه، وهو ليس بثقة عند أهل العلم، ضعيف، لكنه غره بكثرة جلوسه في المسجد كما قال، فيغترون بالظاهر، هم بشر، قد يغترون بالظاهر، وقد يستروحون إلى أن فلاناً ثقة، وهو ليس كذلك، ولذا لا بد من النظر في الراوي من جميع الجوانب، من جميع ما قاله فيه العلماء، ليخرج بالقول الصحيح، وكل له هفوة، وكل له زلة.
يقول: هل إخراج مسلم للراوي في صحيحه مقروناً بغيره أو في الشواهد أو في المتابعات على شرط الصحيح أم لا؟
لا ليس على شرط الصحيح، إنما شرطه لمن يخرج له على سبيل الانفراد، معتمداً عليه في الأصول.
يقول: هل يجوز إذا اجتمع واجب موسع مع واجب مضيق، وقد شرع المكلف في الواجب الموسع فهل يجوز قطعه لفعل المضيق؟ مثال: الموسع فعل صلاة الظهر في أول وقتها، ومثال المضيق: نداء الوالدين مع العلم بأنهما شديدي الغضب؟
أما إذا شرع في الفريضة فلا يقطعها بحال، لكن إن شرع في نافلة مثلاً، وهناك أمر يفوت، صلى الظهر ثم شرع في الراتبة، فأحضرت جنازة مثلاً، هذا محل التردد عند أهل العلم، هل يقطع؟ لأنه جاء النهي عن إبطال العمل، والنهي عن إبطال العمل في القرآن، فمثل هذا هل يعارض به مثل هذا العمل الذي يفوت، والحصول على أجر الصلاة على الجنازة؟ لا شك أنه مما ينبغي للمسلم أن يعنى به ويهتم به، ولا يفوت مثل هذه، لكن إذا شرع فالمسألة مسألة مفاضلة بين هذا الأمر الذي يفوت، وبين ما شرع فيه، ومن يستروح إلى أن المتطوع أمير نفسه قال: يقطعها، ومن قال: إن هذا عمل صالح يدخل في عموم الآية، قال: يتمها ويخففها ويلحق على ما يدركه من الجنازة.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم أغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين.
يقول الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه: (عمدة الأحكام من كلام خير الأنام):