"وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها" يكره النوم قبل صلاة العشاء؛ لئلا يسترسل في نومه فتفوته الصلاة، إما مع الجماعة، أو في وقتها، المقصود أنه لا يعرض صلاته للخطر، فإذا خشي على صلاته أن تفوته، ومثل هذا الكلام يوجه إلى الموظفين الذين يأتون إلى بيوتهم قبيل صلاة العصر، لا ينامون قبل الصلاة فيعرض صلاتهم للفوات "وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها" يعني بعد صلاة العشاء السهر مكروه، لكن إذا كان على خير، إذا كان في علم، أو في أمر من أمور المسلمين العامة فلا شك في استحبابه، وأنه مطلوب، وقد سمر النبي -عليه الصلاة والسلام- مع بعض أصحابه، وترجم عليه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في باب السمر في العلم من كتاب العلم، وعلى كل حال الناس ابتلوا الآن في السهر، ولا يستثنى من ذلك إلا القليل النادر، حتى بعض من ينتسب إلى العلم يسهر، بل يوجد من يسهر إلى الصبح، الذي يسهر إلى الصبح حتى يؤديها مع جماعة من المسلمين أحسن من الذي ينام قبل دخول وقتها بقليل فيعرضها للفوات، وعلى كل حال السهر في الجملة خلاف السنة الإلهية، فالليل سكن، لكن إذا انشغل بما هو أهم لا شك أنه مأجور، وكان العلماء يبحثون المسائل ويتدارسون العلم حتى يفاجئوا بأذان الصبح، ومنهم من يقسم الليل أثلاث، يصلي ويقرأ ويكتب، على كل حال إذا استغل بما يرضي الله -جل وعلا- فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، ولو جاء على جميع الليل، وإن كان العمل في النهار أفضل، لكن الإشكال إذا استغل فيما لا ينفع، وأعظم من ذلك إذا استغل فيما يضر.
"وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه" وهناك ما يعرفن، إيش الفرق؟ هناك ما يعرفن من الغلس، وهنا يعرف جليسه، فرق واضح، هذا جنبه جليسه، وأولئك النساء بعيدات عن الرجال ما يعرفن. "حين يعرف الرجل جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة" بالستين إلى المائة من الآيات، بالستين إلى المائة من المائدة أو من الشعراء؟ أو المقصود من الآيات المتوسطة؟ المقصود من الآيات المتوسطة، نعم اقرأ.