"دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي" الصحابي الجليل "فقال له أبي: كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي المكتوبة؟ " كأنه يسأل عن وقتها فأجيب بذلك، لا يسأل عن كيفيتها، كيفية أدائها وعن صفتها، إنما يسأل عن أوقاتها، فهم الصحابي ذلك فأجابه فقال: "كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى" يعني الظهر، الظهر هي الصلاة الأولى، لماذا؟ لأن جبريل أول ما صلى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الظهر، فعرفت بالصلاة الأولى "التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس" يعني تميل وتزول، تميل إلى جهة المغرب وتزول "ويصلي العصر" يعني في أول وقتها "ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية" الشمس "حية بيضاء نقية" وفي هذا ما يدل لمذهب الجمهور وأن صلاة العصر يبدأ وقتها من مصير ظل الشيء كطوله "والشمس حية بيضاء نقية، ونسيت ما قال في المغرب" وقد نسي ما سمعه وما حضره مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنه مضبوط من جهة آخرين، فصلاة المغرب كما تقدم يبدأ وقتها من غروب الشمس إلى مغيب الشفق "وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة" وقد جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد وهم ينتظرون العشاء حتى كانت تخفق رؤوسهم من النعاس، فقال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق عليكم)) يعني في الثلث الأول، في ثلث الليل، لولا المشقة لكان تأخيرها إلى الثلث أفضل "وكان يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة" وقد جاء النهي عن تسمية العشاء العتمة، النهي عن مشابهة الأعراب ((لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم)) فجاء النهي عن ذلك، فلا تسمى العشاء العتمة، لكن قد يقول قائل: إنه جاء، أعتم النبي -عليه الصلاة والسلام- بصلاة العشاء، وجاء في النصوص ما يدل على إطلاق العتمة كهذه، على كل حال كونها لا تسمى إلا العتمة، ويغلب عليها هذا الاسم بحيث ينسى اسمها الأصلي هذا هو المنهي عنه، وما جاء في مثل هذا يدل على الجواز أحياناً، وأن النهي لمجرد الكراهة.