وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد كلانا جنب، وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض.
عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- تخبر عن الأمور الخاصة بينها وبين النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس هذا من التحدث بما لا يجوز الحديث عنه؛ لأن الإنسان ممنوع أن يتحدث فيما يقع بينه وبين زوجته في الأمور الخاصة، لكن هذا يترتب عليه حكم شرعي للأمة، يعني لو لم تقل عائشة هذا الكلام كيف يبلغنا مثل هذا الحكم؟
تقول: "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد كلانا جنب" وتختلف أيديهم فيه ويقول لها: ((دعي لي)) وتقول: "دع لي" وتقدم هذا، والشاهد هنا: "وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض" الحائض طاهرة الأصل، تنام مع زوجها وتأكل معه، وتساكن الناس، وتباشر، وتأخذ وتعطي، وعرقها طاهر، نعم.
"وكان يأمرني فأتزر" تلبس الإزار "فيباشرني وأنا حائض" يعني من فوق الإزار، نعم، فيما فوق الإزار للرجل أن يستمتع من امرأته فيما عدا موضع الأذى، وينبغي أن يبتعد عن الموضع ولا يحوم حول الحمى لئلا تدعوه نفسه إلى أن يقع في الحرام، ولذا كان يأمرها أن تأتزر.
"فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض" تباشر غسل رأسه بالماء ما يقال إنها ما دامت يابسة ما تنجس، لا، هي رطبة الآن، وهي أيضاً متلبسة بهذا الحدث، فدل على أنها طاهرة، فتباشر غسل رأسه بالماء؛ لأن النجس، اليابس ما ينجس اليابس، لكن الرطب ينجس، وهنا تباشر الغسل والغسل فيه رطوبة، "وهو معتكف فأغسله وأنا حائض" فدل على طهارة بدن المرأة وعرق المرأة، وجميع ما يتصل بالمرأة، إلا الأذى الذي هو الخارج النجس، فدم الحيض نجس بالاتفاق يجب غسله.
"كان يخرجه رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض" لأن الحائض ممنوعة من دخول المسجد، ((وليعتزل الحيض المصلى)) حتى المصلى -مصلى العيد- يعتزله الحيض، ولو لم يكن يصلى فيه إلا العيد، يعتزل الحيض المصلى، والمسجد من باب أولى، نعم.