وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن جارية وجد رأسها مرضوضاً بين حجرين، فقيل: من فعل هذا بك؟ لا تستطيع الكلام، ولا تستطيع التصريح باسمه ولا بوصفه، إنما تحرك بعض أطرافها، تحرك رأسها، عرض عليها أسماء يظن بهم أنهم قتلوها، فلان؟ أومأت برأسها، لا، فلان؟ فلان؟ كلهم تقول: لا، قالت أشارت برأسها أن نعم، فلان الذي قتلها، وهذه لا تزال في حيز الدعوى، دعوى هذه، يكفي هذا في إقامة الحد عليه؟ لا يكفي، لكن هذه قرينة تعطي طرف الخيط "فأخذ اليهودي فاعترف" أخذ غرر فاعترف "فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرض رأسه بين حجرين" ولمسلم والنسائي: عن أنس أن يهودياً قتل جارية على أوضاح" الأوضاح الحلي، وبعضهم يقول: من فضة، وبعضهم يقول: هي الخلاخيل التي تجعل في الرجلين "فأقاده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فإنما أخذ بإقراره واعترافه لا بدعواها، وإنما دعواها جعلت قرينة على القاتل، يعني تغلب الظن، لكن لا بد من اليقين، وهنا لما أخذ وقرر اعترف، طيب قد يقول قائل: لو لم يعترف هل يتحايل معه حتى يقر؟ وهل يضرب أو تستعمل معه القوة حتى يقر؟ من أهل العلم من يرى أنه إذا اتجهت التهمة إليه، وقوي في غلبة ظن القاضي أنه يفعل مثل هذا، يعني قامت القرائن والأدلة على أنه يفعل مثل هذا تستعمل معه القوة حتى يقر ويعترف، ولا يؤخذ إلا بإقراره هو، وهنا لما ذكرت أن فلاناً هو الذي قتلها صار هذا قرينة على أنه قتل، وهو أيضاً من اليهود، وهم قتلة الأنبياء، فغلب على الظن أنه هو القاتل، فأخذ وقرر فأقر وأعترف "فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرض رأسه بين حجرين" جاء في الحديث: ((لا قود إلا بالسيف)) ولذا يرى جمع من أهل العلم أنه لا قتل إلا بالسيف، لكن منهم من يرى مثل ما عندنا، وحديث: ((لا قود إلا بالسيف)) فيه ضعف، والذي عندنا في الصحيحين، رض رأسه بين حجرين، ما قتل في الصحيح، وهذا من المماثلة في القتل {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] هذه مماثلة وليست مثلة، المماثلة في مثل هذا الخبر شرعية، طيب سقاه سماً، يقتل بالسم، ضربه بمثقل يقتل بمثقل، بمحدد يقتل بمحدد، والنهي عن المثلة معروف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015