وفي حديث سعيد بن عبيد فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن سهل بن أبي حتمة -رضي الله تعالى عنه- قال: انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود" ابن عمه "إلى خيبر، وهي يومئذٍ صلح" يعني في وقت صلح وهدنة "فتفرقا" كل منهما ذهب في شأنه، هذا إلى جهة وذلك إلى جهة، عبد الله بن سهل ومحيصة "فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً" قتل "فدفنه، ثم قدم المدينة" ولا أنكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما قال: لماذا دفنته؟ ما انتظرت حتى تنتهي القضية؟ دفنه؛ لأن جنازة المسلم لا بد من التعجيل بها، لكن إذا اقتضت المصلحة تأخير الدفن بما تتطلبه القضية من بحث في أدلة جنائية، أو ما يعين على معرفة القاتل فلا بأس، المقصود أنهم ما عندهم آلات تدل على شيء من ذلك، ولا تحاليل ولا .. ، عندهم قواعد شرعية مقدمات ونتائج، وهذه طبيعة القضاء الشرعي، نتائجه مبنية على مقدمات شرعية.
"فدفنه، ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-" فيتقص لهم من قاتله، لعل الوحي ينزل عليه فيعين له القاتل، لعل الوحي ينزل عليه، هذا تصورهم، فيقتل القاتل، لكن ما الذي حصل؟ الشرع ليس لوقت معين أو لحقبة واحدة، ليس لزمن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني إذا عين قاتل هذا المقتول فمن يعين من قتل من بعده؟ بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا شك أنه مؤيد بالوحي، لكنه بشر يقضي على نحو ما يسمع، بشر قدوة وأسوة للحكام وللقضاة الذين أنى لهم بالوحي بعد موته -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو أوحي إليه: إن القاتل فلان، لكن اللي يقتل بعده بعد وفاة النبي من؟ كيف يتعامل معه؟ هذا تشريع.