الكوارث، يعني إذا كان الإنسان فليتصور الإنسان مصيبة أولاده به، أو مصيبته في أحد أبنائه فيضع الإنسان المسلم نصب عينيه، تصور شخص له ولد يلعب في الشارع ثم جاء الخبر بأنه صدمته سيارة، وجاء صاحب السيارة وحمله إلى المستشفى، الدقائق بين علمه ووصوله إلى المستشفى يعني الأب أو الابن أو الأم، كيف يتصورها الإنسان؟ وقد تكون الصدمة خفيفة ويجده يعني يحتاج إلى شيء من العلاج الخفيف وينتهي، لكن تصور الدقائق التي يعيشها في تلك اللحظات، المسألة ليست بالسهلة، ولعظم هذا الأثر جاء تعظيم شأن الدماء ((زوال الدنيا بكاملها أسهل عند الله من إراقة دم مسلم)) فليس الأمر بالهين في أن يزهق دم مسلم، سواء كان باجتهاد، أو باعتداء وظلم وعدوان، فالمسألة ليست بالسهلة، ولذا جاء في الخبر ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)) لأن شأنها عظيم، أيضاً مما عظمه الشرع حفظ الأديان، تصور إنسان عابد من العباد يأتي شخص من شياطين الإنس يصرفه عن دينه، ويحليه إلى مجرم، أو يحمله على الردة، كارثة هذه من أعظم المصائب، ولذا جاءت الشرائع بحفظ الأديان كحفظ الدماء والأنفس، وقل مثل هذا في بقية الضرورات، نعم.
عن سهل بن أبي حتمة -رضي الله عنه- قال: انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذٍ صلح، فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه، ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((كبر كبر)) وهو أحدث القوم فسكت، فتكلما فقال: ((أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم؟ )) قالوا: كيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: ((فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم؟ )) فقالوا: كيف نأخذ بأيمان قوم كفار؟ فعقله النبي -صلى الله عليه وسلم- من عنده.
وفي حديث حماد بن زيد: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته)) قالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف؟ قال: ((فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم؟ )) قالوا: يا رسول الله قوم كفار، فوداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبله.