قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتهون فيه إليه ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله].
وهذه قاعدة، لكنها قاعدة تحتاج إلى تفسير، ومن قواعد السلف ومناهجهم: أنهم يمرون الخبر كما جاء، والخبر هو ما جاء في القرآن وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول هذه الأخبار وأعظمها وأجلها وأكملها الأخبار عن الله عز وجل، والأخبار عن ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله.
فالخبر الصحيح إذا ثبت عن الله تعالى يذكر على ظاهره، ومعنى يذكر على ظاهره بأن ظاهره حقيقة لا أن ظاهره ما نتوهمه من التشبيه، ولذلك خلط كثير من الناس في تقرير هذه القاعدة، ووقع عندهم شيء من الخلط، وبعضهم نفاها عن السلف، وبعضهم أثبتها من باب التعيير للسلف أنهم يقصدون بالظاهر التشبيه، فأهل الكلام نقدوا قول السلف في هذه القاعدة، وقالوا: إن عقيدة السلف إثبات الظاهر، ويقصدون بإثبات الظاهر التشبيه والتجسيم، وهذا خطأ، فالسلف حينما أثبتوا ظاهر ألفاظ النصوص يقصدون الحقيقة لا يقصدون الظاهر الذي هو الكيفية أو التشبيه، وكذلك العكس: هناك من تردد في إثبات هذه القاعدة عن السلف؛ ظناً منه أنه يلزم من إثباته إثبات التشبيه، مع أن الصحيح أن السلف قالوا بها، وقالوا: إن ألفاظ نصوص الصفات تثبت على ظاهرها، ويقصدون بالظاهر الحقيقة اللائقة بالله عز وجل، أي: أن ألفاظ أسماء الله وصفاته الواردة في النصوص هي حق على حقيقتها، وهذا هو ظاهرها، أما الظاهر الذي هو التكييف فلا شك أنه منفي بالنصوص القاطعة، مثل قوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11].