وأما قول مالك والليث أن المسلم إذا قتل الكافر قتل غيلة قتل به، فمعنى ذلك أن قتل الغيلة إنما هو من أجل المال، والمحارب والمغتال إنما يقتلان لطلب المال لا لعداوة بينهما، فقتل العداوة والثائرة خاص وقتل المغتال عام فضرره أعظم؛ لأنه من أهل الفساد فى الأرض، وقد أباح الله قتل الذين يسعون فى الأرض بالفساد سواء قتل أو لم يقتل، فإذا قتل فقد تناهى فساده، وسواء قتل مسلمًا أو كافرًا أو حرًا أو عبدًا.
. / 48 - فيه: أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأنْصَارِ، قَدْ لَطَمَ وَجْهِى، فَقَالَ: ادْعُوهُ، فَدَعَوْهُ، فَقَالَ: أَلَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى مَرَرْتُ بِالْيَهُودِى، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، قَالَ: قُلْتُ: أَعَلَى مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم) ؟ قَالَ: فَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ، قَالَ: لا تُخَيِّرُونِى مِنْ بَيْنِ الأنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلا أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى، أَمْ جُوزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ) فيه من الفقه: أنه لا قصاص بين مسلم وكافر وهو قول جماعة الفقهاء، والدليل على ذلك من هذا الحديث أن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يقاص اليهودى من لطمة المسلم له، ولو كان بينهما قصاص لبينه (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأنه بعث معلمًا وعليه فرض التبليغ.