فإن قيل: إن الكوفيين يرون قتل المسلم بالكافر فيجب أن يكون على قولهم بينه وبين المسلم قصاص فى اللطمة. قيل: إن الكوفيين لا يرون القصاص بين المسلمين فى اللطمة ولا الأدب، إلا أن يجرحه ففيه الأرش، والكافر والمسلم أحرى ألا يرون بينهما قصاصًا، فالمسألة إجماع. قال المهلب: وفيه جواز رفع المسلم إلى السلطان بشكوى الكافر به. وفيه: خلق النبى (صلى الله عليه وسلم) وما جبله الله عليه من التواضع وحسن الأدب فى قوله: (لا تخيرونى من بين الأنبياء) فذلك كقول أبى بكر الصديق: وليتكم ولست بخيركم. وقد تقدم، فينبغى لأهل الفضل والاقتداء بالنبى (صلى الله عليه وسلم) وأبى بكر فى ذلك، فإن التواضع من أخلاق الأنبياء والصالحين. وقد روى أبو هريرة عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (من أحب أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم، فلينظر إلى أبى ذر) ذكره ابن أبى شيبة. وفيه: أن العرش جسم وأنه ليس العلم كما قال سعيد بن جبير لقوله: (آخذ بقائمة من قوائم العرش) والقائمة لا تكون إلا جسمًا، ومما يؤيد هذا قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [الحاقة: 17] ومحال أن يكون المحمول غير جسم؛ لأنه لو كان روحانيًا لم يكن فى حمل الملائكة الثمانية له عجب، ولا فى حمل واحد، فلما عجب الله تعالى بحمل الثمانية له؛ علمنا أنه جسم؛ لأن العجب فى حمل الثمانية للعرش لعظمته وإحاطته.