فاحتج أحمد بن حنبل بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (هلا تركتموه) من غير رواية البخارى. قال ابن المنذر: يقام عليه الحد بعد يوم، وبعد أيام وسنين؛ لأن ما وجب عليه لا يجوز إسقاطه بمرور الأيام والليالى، ولا حجة مع من أسقط ما أوجبه الله من الحدود، وقد بين جابر بن عبد الله معنى قوله: (فهلا تركتموه) أنه لم يرد بذلك إسقاط الحد عنه. وروى محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن قتادة قال: حدثنى حسين بن محمد، عن على قال: (سألت جابرًا عن قصة ماعز فقال: أنا أعرف الناس بهذا الحديث كنت فيمن رجمه، إنا لما رجمناه فوجد مس الحجارة صرخ بنا: يا قوم ردونى إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن قومى هم قاتلونى وغرونى من نفسى، أخبرونى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غير قاتلى. فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما رجعنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخبرناه، قال: فهلا تركتم الرجل وجئتمونى) . ليتثبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه فأما لترك حد فلا. فاختلفوا إذا أقر بالزنا، ثم رجع عن إقراره. فقالت طائفة: يترك ولا يحد. هذا قول عطاء والزهرى والثورى والكوفيين والشافعى وأحمد وإسحاق. واختلف عن مالك فى هذه المسألة فحكى عنه القعنبى أنه إذا اعترف ثم رجع وقال: إنما كان هذا منى على وجه كذا وكذا لشىء يذكره، أن ذلك يقبل منه فلا يقام عليه الحد. وقال أشهب: يقبل رجوعه إن جاء بعذر وإلا لم يقبل.