فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : اذْهَبُوا بِهِ، فَارْجُمُوهُ) . قَالَ جَابِرَ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ. قال المهلب: أجمع العلماء أن المجنون إذا أصاب الحد فى حال جنونه أنه لا يجب عليه حد، وإن أفاق من جنونه بعد مواقعة الحد؛ لأن القلم مرفوع عنه وقت فعله والخطاب غير متوجه إليه حينئذ، ألا ترى قوله (صلى الله عليه وسلم) للذى شهد على نفسه أربع شهادات (أبك جنون؟) فدل قوله هذا أنه لو اعترف بالجنون لدرأ الحد عنه، وإلا فلا فائدة لسؤاله هل بك جنون أم لا؟ وأجمعوا أنه إن أصاب رجل حدا وهو صحيح ثم جن بعد ذلك، أنه لا يؤخذ منه الحد حتى يفيق. وأجمعو أن من وجب عليه حد غير الرجم وهو مريض لا يرجى برؤه فإنه ينتظر به حتى يبرأ فيقام عليه الحد، فأما الرجم فلا ينتظر به لأنه إنما يراد به التلف فلا وجه للاستئناء به، والله أعلم. وأما قوله: (فلما أذلقته الحجارة هرب) قال ابن المنذر: ذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: إذا هرب يترك. وقال الكوفيون: إذا هرب وطلبه الشرط واتبعوه فى فوره ذلك أقيم عليه بقية الحد، وإن أخذوه بعد أيام لم يقم عليه بقية الحد، وإن أخذوه بعد أيام لم يقم عليه بقية الحد.